دأب «الاتحاد الدولي للاتصالات» أخيراً على اعتبار أن الجيل الثالث (3G) لشبكات الهواتف النقّالة يسهم في سرعة انتشار الخليوي، ويزيد عرض النطاق الترددي، ويدعم تطبيقات أكثر تنوّعاً. ويساعد الأمر نفسه في زيادة التورّط في زمن ثقافة الشاشة المحمولة يدوياً، وفي تجذير البداوة الرقمية التي أصبحت جزءاً من عادات الناس ووقائع عيشهم اليومي. وباتت مجمل قطاعات النشاط البشري التي تعبر إلى الشاشات في نهاية الأمر، تصل إلى الهاتف المحمول أيضاً. كما ترتكز شبكة الإنترنت في مصطلحاتها على فكرة «التصفح» و«الملاحة» والتنقل بين الصفحات والمواقع الإلكترونية. وتدلّ هذه المصطلحات على السفر والتنقل والترحال. بقول آخر، توحي هذه المصطلحات بأن الجمهور يكون في شكل من أشكال السفر على الشبكة، حيث الذهاب من موقع إلى آخر، من دون التحرك جسدياً. مع تطور التقنيات المتنقلة والمحطات اللاسلكية التي تملأ الفضاء المديني، نشأت دينامية جديدة تؤدي إلى زيادة الشعور بالسلطة وبالحرية لمستخدمي الإنترنت. باختصار، أصبحنا جميعاً «مهاجرين»! وهذا ما يعني أن الديناميكيات الاجتماعية الجديدة والمتصلة بالبداوة الرقمية، تعكس تحوّلاً عميقاً في الثقافة. ففي هذه الحال، أصبحت الهواتف النقالة أداة لتحديد المكان والزمان، ما يعني أن علاقة الجمهور بالزمان والمكان ستختلف عما كانت عليه تاريخياً. منذ سنوات، حدث انتقال من استخدام هاتف مشترك بين أفراد الأسرة، إلى حالٍ فيها هاتف خاص لكل فرد. تلك حال زمن الشخصنة والفردية. وتدريجياً، أصبح الخليوي امتداداً لهوية الفرد وأداة تسمح له بالحصول على قدر هائل من التحكّم بالذات. ينطبق هذا الأمر خصوصاً على جيل الشباب الذي أصبح محركاً رئيسياً لهذا السعي من أجل الهوية والاستقلال عن السلطة الأبوية وغيرها من السلطات. هل تدفع هذه الأمور إلى ما يمكن أن نسميه «التوحّد الرقمي» الذي يؤثر بصفة خاصة في جيل الشباب، كظاهرة لن نعرف ما إذا كانت مَرَضية أم مُرْضية! في السياق عينه، صار الهاتف الذكي («الكومبيوتر- الهاتف») هو أداة لإبراز الهوية. وبشكل أكثر تحديداً، يأخذ الهاتف الذكي شكل أداة «تعريف للذات»، بالنسبة إلى الشباب على وجه الخصوص ويرون فيه أداة لها مطالب مستمرة. إذ تنطوي على تلقي المكالمات بشكل مستمر، وإرسال «الرسائل النصية» وتلقيها بصورة مستمرة أيضاً.