وفق إحصاءات «الاتحاد العالمي للهواتف النقّالة»، يكاد كل فرد يملك هاتفاً محمولاً. وقد اخترعت الهواتف الخليوية عندما تقرّر جعل تكنولوجيا الاتصالات اللاسلكية أكثر شعبية وانتشاراً. ففي بداية الأربعينات من القرن العشرين، طوّرت شركة «موتورولا» Motorola الأميركية جهازاً للتحادث بموجات الراديو، عُرِف بإسم ب «ووكي – توكي» Walkie- Talkie (أي «المتحدّث ماشياً»). واعتُبِر هذا الجهاز من النماذج الأولى للهواتف النقّالة. ويندرج تقنياً ضمن هواتف الخليوي من «الجيل صفر». ثم تطوّر الخليوي وتنوّعت خدماته، حتى باتت تكنولوجيا الاتصالات تقدّم إمكانات بلا حدود، في رفاهية تلامس حدّ الترف. الجيل الأول: شبكة الخلايا تقنياً، تميّز الجيل الأول من الخليوي عن «الجيل صفر»، في استخدامه شبكة من خلايا لالتقاط الإشارة اللاسلكيّة وتحويلها. ووُزّعت الشبكة على مواقع مدروسة جغرافياً بطريقة تضمن تحويل المكالمات من موقع إلى آخر أثناء انتقال المستخدم بين مناطق تغطية الشبكة، خلال الاتصال الذي يجريه. من اليابان، انطلقت الشبكة الخليوية الأولى تجارياً عام 1979 من قبل شركة «إن تي تي» NTT. ويُشار إليها تقنيّاً باعتبارها «شبكة الجيل الأول للخليوي» («1جي» 1G). وقد غُطيت هذه الشبكة عند إطلاقها، بواسطة 23 محطة تحويل خليوية موزّعة على أنحاء مدينة طوكيو التي يقطنها أكثر من 20 مليون نسمة مع ضواحيها. وفي غضون خمس سنوات، جرى توسيع شبكة «إن تي تي» لتغطي اليابان كلها. وأصبحت أول شبكة «جي1» تعمل على مستوى دولة بأكملها. بعد «إن تي تي»، ظهرت شبكة «أم تي أن» MTN التي غطّت الدنمارك والنروج وفنلندا والسويد، في عام 1981. وكانت أول شبكة للخليوي تتميّز بخدمة التجوال الدولي «رومينغ» Roaming. وفي بداية الثمانينات من القرن الماضي، أطلقت بلدان أخرى شبكاتها الخليوية من الجيل الأول، مثل المملكة المتحدة والمكسيك وكندا. ولم تظهر شبكة الخليوي من الجيل الأول في الولاياتالمتحدة في شكلٍ تجاري إلا في عام 1983. وحينها، أنتجت شركة «موتورولا» هواتف تُثبّت في السيارات، عُرِفت بإسم «داينا تاك- إكس 2000» Dyna Tac- X2000. وتطلّب تشغيلها نشر شبكة من سبعة أبراج عملاقة لمحطات التحويل في أرجاء ولاية واشنطن. ولتلبية الاستخدام المتزايد للخليوي، دُفعت تكنولوجيا هذه الشبكات المُبكّرة إلى حدّها الأقصى. وعملت شبكات الجيل الأول وفقاً لتقنية إرسال والتقاط الراديو التقليدية التي تُعرف باسم «أنالوغ» Analogue (وهي تشبه الإشارة التي يرسلها الهاتف الأرضي، وتُسمى «التماثلية» أيضاً)، ما وضع حدوداً لإمكان تلبيتها لأعداد كبيرة من المشتركين. ولذا، استعمَلت خلايا المحطّات الثابتة والهواتف النقالة تردّدات إرسال مختلفة، ما سمح بتغيير عدد محطات التحويل الخليوية اللازمة، وكذلك الحال بالنسبة الى مداها وحجمها. ومع تطوّر نظام الاتصال عبر الخليوي، وانتشار خلايا التحويل، صار مستطاعاً تخفيض طاقة الإرسال من الجهاز المحمول يدوياً إلى المحطات، ما فتح الباب أمام نشر المزيد من الخلايا وتصغير أحجامها وتخفيض طاقاتها أيضاً. وأدى ذلك إلى توسيع قدرة الشبكات في تلبية أعداد متزايدة من المشتركين. الجيل الثاني: الشبكات الرقمية ظهر «الجيل الثاني» («2جي» 2G) من نظم شبكات الخليوي وأجهزته المحمولة في تسعينات القرن العشرين، مع انطلاقة نظام «جي إس إم» GSM الأوروبي. وتميّز هذا النظام بأنه استعمل الإشارة الرقمية في الإرسال Digital Signal، للمرة الأولى. وهكذا، جرى الاستغناء عن البث التقليدي التماثلي (أنالوغ). واحتوى نظام «جي إس إم» على نظام إشارات متطوّر وسريع للاتصال بشبكات التحويل. وأصاب نظام «جي إس إم» وخدماته نجاجاً باهراً. وشهد العالم هجمةً هائلة على اقتناء الخليوي. وبدأت تظهر خدمة الخليوي بالبطاقة المدفوعة مسبقاً. وأُطلِقَتْ أول شبكة «جي إس إم» في فنلندا (1991)، بإسم «راديولنيا» Radiolinja. وكانت التردّدات (الذبذبات) المستخدمة من أنظمة الخليوي للجيل الثاني في أوروبا أعلى من نظيراتها في أميركا، لكنها عانت من تداخل موجاتها مع نظام الجيل الأول. ومثلاً، استُخدِمت موجات 900 ميغاهيرتز في نُظُم الجيلين الأول والثاني في أوروبا. ولذا جرى إغلاق الجيل الأول بسرعة كي يُفسح في المجال أمام الجيل الثاني. في المقابل، حافظت أميركا في البداية على النظم القديمة، فاستفادت من بعض قنوات الجيل الأول التي تعمل بالبث التقليدي. وتزامن ذلك مع ظهور أجهزة خليوي صغيرة يراوح وزنها بين 100 و200 غرام، ما اعتُبِر أمراً ثورياً، مقارنة بهواتف الجيل السابق. وحدث هذا التغيير بسبب التطوّر التكنولوجي للخلايا الإلكترونية، مع تكثيف نشر محطّات التحويل في شكل متقارب. وتالياً، قصرت مسافة بث الإشارة، ما أتاح تخفيض الطاقة اللازمة أيضاً. وأدّت هذه العوامل إلى زيادة عمر البطارية وتخفيض استهلاكها وتصغير حجمها. كما أدخل الجيل الثاني خدمة جديدة من الاتصالات هي الرسائل القصيرة أو ما يسمى بالرسائل النصية SMS. وفي البداية، أُتيحت هذه الخدمة على شبكات «جي إس إم»، ولكنها انتشرت على جميع الشبكات الرقمية، في نهاية المطاف. بُثّت أول رسالة قصيرة للخليوي في المملكة المتحدة في 3 كانون الأول (ديسمبر) 1992، وسارت من محطة مركزية إلى خليوي. ثم أرسلت أول رسالة قصيرة من شخص إلى آخر في فنلندا في 1993. وأدّى ظهور الخدمات المدفوعة مسبقاً في أواخر التسعينات من القرن العشرين، إلى انتشار سريع للرسائل القصيرة، إذ باتت الخيار الأفضل لدى الشباب والمراهقين في البداية، ثم انتشرت لدى جميع الأعمار نظراً الى كلفتها المتدنية. كما قدّم الجيل الثاني للخليوي إمكان توصيل عالم الميديا والإعلام على شاشاته. وجرى أول تحميل لمادة ميديا خليوياً في 1998، وتكوّن من ملفٍ مفرد فيه نغمات رنين لتلك الهواتف، وقد أطلقتها «راديولنيا»، التي بات إسمها «إليسا». ثم ظهرت خدمة الإعلانات على الخليوي في فنلندا أولاً، عندما بدأت أخبار الرسائل القصيرة مجاناً (في 2000)، وكانت مدعومة من شركات الإعلانات. وأُجريت عمليات الدفع بواسطة الخليوي (1998) في فنلندا والسويد أولاً. وما لبثت أن انطلقت في شكل تجاري عام 1999 في النروج. وفي العام نفسه، كانت الفيليبين أول دولة في دخول خدمات الهاتف المحمول إلى النظم المصرفية. كما قُدّمت أول خدمة إنترنت كاملة على الهواتف المحمولة في اليابان (1999) من شركة «إن تي تي دوكومو» NTTDoCoMo. الجيل الثالث: شبكات سريعة للبيانات مع انتشار استخدام شبكات الجيل الثاني وأجهزته، استخدم الناس الخليوي بكثافة في حياتهم اليومية. وأصبح من الواضح أن الطلب على خدمات البيانات (مثل الوصول إلى الإنترنت) في تزايد مضطرد. ولأن تكنولوجيا الجيل الثاني لم تكن معدّة أصلاً للنهوض بمثل هذه الآفاق، انطلقت جهود متعددة لابتكار ما يعرف تقنياً بإسم «الجيل الثالث» («3 جي» 3G) للخليوي. وأطلقت أول شبكة من الجيل الثالث في اليابان (2001). ثم عمّت الشبكة اليابان في العام نفسه. وقد أتاحت شبكات الجيل الثالث تزويد الجمهور بمروحة واسعة من الخدمات المتطورة، مثل الاشتراك في شبكة الإنترنت، وإمكان الاتصال المتلفز، إضافة إلى خدمة تحديد الموقع الجغرافي للفرد اعتماداً على شبكة من الأقمار الاصطناعية المتخصصة («جي بي أس» GPS) وغيرها. وتتطلّب هذه الوظائف الجديدة تكنولوجيا عالية الدقة وطاقةً كبيرة وكلفة مرتفعة، مقارنة بالجيل السابق. وفي معظم الدول التي أدخلت شبكة هواتف الجيل الثالث، تسجّل شكاوى عن عدم قدرة الشركات على تغطية كثير من مناطقها بهذا النوع من الشبكات. وفي 2007، وصل عدد مشتركي الجيل الثالث إلى 295 مليون مشترك، ما يساوي 9 في المئة من جمهور الخليوي. وأعطت خدمات الجيل الثالث أرباحاً تفوق ال 120 بليون دولار في 2007. وتتداول أسواق عدّة هواتف الجيل الثالث، باعتبارها أساساً فيها. ومثلاً، لم تعد اليابان وكوريا الجنوبية تهتمان بخليوي الجيل الثاني. وقبل قرابة عشر سنوات، ظهرت شكوك في قدرة الجيل الثالث على الانطلاق والنجاح، من الناحية التجارية. وبحلول نهاية 2007، اتضح أن الجيل الثالث هو حقيقة واقعة، بل إنه فرس الرهان الرابح. ويجدر القول ان الانتقال من جيل إلى آخر لا يحدث بقفزاتٍ نوعية تكنولوجية كبيرة واضحة، بل يمر عبر تطورٍ تكنولوجي يومي مستمر. وعلى المستوى التجاري، يتحدث المصنّعون والمهندسون والتجار والموزعون عن تدرّجات في الانتقال من الجيل الثاني إلى «جي 3»، مثل «جي 2.5» و «جي 2.75». وراهناً، تستعمل بعض خليويات الجيل الثاني، مجموعة من خدمات الجيل الثالث، استناداً إلى شبكة الجيل الثاني. في الطريق إلى الجيل الرابع 4 G على رغم أن شبكات الخليوي من الجيل الثاني تتصل بالإنترنت، لم تتوافر التغطية الجيدة على نطاق واسع إلا بعد عام 2000. وعلى رغم حداثة الجيل الثالث للخليوي، يناقش صُنّاع الاتصالات المتطوّرة الجيل الرابع للهواتف النقّالة وخدماتها. وتعتبر تكنولوجيا الجيل الرابع مستقبل الخليوي، كما تتطلّب إنتاج أجهزة محمولة أكثر تطوراً، وإطلاق خدمات أشدّ تقدّماً. وبدأت التكنولوجيا الجديدة تعمل على توأمة الهواتف الحديثة مع أجهزة الكومبيوتر المحمول. وبدأت بعض شركات الكومبيوتر المحمول تضمين برامج تشغيل الخليوي مباشرة في الكومبيوتر، بما فيها تأمين التواصل اللاسلكي معها، بعدما كانت العملية سابقاً تتطلب وصلة وسيطة بين الهاتف والكومبيوتر، مثل شبكات «واي - فاي» و «واي ماكس» وغيرها. ويُعرف هذا النوع من الكومبيوتر باسم «نت بوك» Net Book. وبحلول عام 2009، أصبح واضحاً أن شبكات الجيل الثالث مرشحة لأن تنوء بحمل التطبيقات المتزايدة الواسعة النطاق للمواد المتعددة الوسائط الإعلامية (ميلتي ميديا) التي تتنامى وتتكثّف وتكبر أحجامها بسرعة. ولذلك، بدأت الصناعة بالتحضير لتكنولوجيات الجيل الرابع الذي يعد بتحسينات في السعة والسرعة تصل إلى عشرة أضعاف ما عرفه الجيل الثالث.