انشغلت أطراف اللعبة السياسية في مصر بسباق على انتزاع ثقة الشارع، فاستكملت القوى الفائزة في انتخابات مجلس الشعب (البرلمان) المصري الترتيب والاستعداد لأولى الجلسات غداً، فيما واصلت القوى الثورية الحشد للذكرى الأولى للثورة الأربعاء المقبل للمطالبة بإنهاء الحكم العسكري وتسليم السلطة الى المدنيين. وسعى المجلس العسكري إلى التهدئة قبل الاربعاء، فأطلق أمس سراح 1959 شخصاً كانت صدرت في حقهم أحكام عسكرية. وتأكدت رسمياً تركيبة البرلمان المقبل، إذ أظهرت النتائج النهائية التي أعلنت أمس حصول الحزبين الإسلاميين الرئيسيين على أكثر من 70 في المئة من مقاعد البرلمان، إذ نال حزبا «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، ووصيفه «النور» السلفي 356 مقعداً (235 للأول و121 للثاني، ما يضمن للإسلاميين تمرير أي مشروع قانون أو قرار من دون الحاجة إلى دعم أي من القوى الأخرى. وتتيح غالبية الثلثين تمرير القوانين وقرارات مثل إسقاط العضوية عن نائب وإجراء تعديلات في الدستور وكذلك إقرار الموازنة العامة للدولة. وكانت القوى الليبرالية واليسارية تسعى إلى نيل أكثر من ثلث مقاعد البرلمان (166 مقعداً) لتضمن «الثلث الضامن» أو «المعطل» غير أنها فشلت أمام تقدم الإسلاميين. وفي حين تكثف القوى الفائزة في الانتخابات اجتماعاتها للتوافق على تشكيل اللجان البرلمانية البالغ عددها 19، رجح مسؤول طلب عدم كشف اسمه عدم حضور رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي الجلسة الافتتاحية للبرلمان. وكشف عدم رغبة طنطاوي في الذهاب إلى المجلس غداً وبعد غد لإلقاء خطبة، «خشية أن يهاجمه بعض النواب أثناء تواجده أو إلقائه للخطبة أو الحشود التي ينتظر أن تكون قريبة من مقر البرلمان». وتوقعت أن يستبدل رئيس المجلس العسكري خطابه داخل البرلمان ببيان يوجه إلى الشعب عبر التلفزيون منتصف الأسبوع الحالي، تحت عنوان «لمناسبة ذكرى ثورة 25 يناير». وقرر المجلس العسكري أمس تعيين 10 أعضاء، هم الحصة المقررة لرئيس الجمهورية، بينهم أربعة أقباط هم ماريان ملاك كمال وجورج ناجي مسيح وسوزي عدلي ناشد وحنا جرجس جريس. وفي مسعى إلى تهدئة الأجواء، أمر طنطاوي أمس بإطلاق سراح 1959 شخصاً كانت صدرت بحقهم أحكام عسكرية، واعتقل معظمهم خلال تظاهرات ضد المجلس العسكري. وأكد رئيس هيئة القضاء العسكري اللواء عادل المرسي أن بين المفرج عنهم المدون مايكل نبيل سند الذي يقضي عقوبة السجن لمدة عامين بتهمة «إهانة القوات المسلحة». ولم يستبعد مسؤولون إنهاء العمل بقانون الطوارئ قريباً، وإن رهنوا القرار «بالحالة الأمنية في الشارع». وأكد أحدهم أن نسبة اتخاذ قرار بإلغاء حالة الطوارئ المفروضة منذ ثلاثة عقود «كبيرة جداً، بل عالية». وتوقع صدور قرارات أخرى خلال الأيام القليلة المقبلة من شأنها «احتواء حالة الغضب التي تسود أوساط الحركات الثورية». ورجح أن تتضمن القرارات إعلان «تقليص صلاحيات المجلس العسكري بإسناد السلطة التشريعية والرقابية إلى مجلس الشعب المنتخب، إضافة الى الإفصاح عن الخطوات التنفيذية لاستكمال المرحلة الانتقالية وإجراء الانتخابات الرئاسية». في غضون ذلك، تختتم اليوم محكمة جنايات القاهرة الاستماع إلى مرافعة الدفاع عن الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه علاء وجمال في شأن اتهامات قتل المتظاهرين والفساد واستغلال النفوذ، لتنطلق غداً مرافعة الدفاع عن وزير الداخلية السابق حبيب العادلي، والتي تستمر أسبوعاً. واستكملت أمس المحكمة الاستماع إلى رئيس فريق الدفاع عن الرئيس المخلوع المحامي فريد الديب الذي ركز على الاتهامات التي تطال مبارك في شأن «تصدير الغاز إلى إسرائيل بأسعار تفضيلية». واستمر الديب على نهجه الذي اعتمده في الجلسات السابقة بتحميل آخرين المسؤولية، ففاجأ الجميع أمس عندما ضحَّى بصديق مبارك رجل الأعمال حسين سالم. وحمَّل جهاز الاستخبارات العامة ورئيسه السابق عمر سليمان مسؤولية عقد صفقة تصدير الغاز لإسرائيل، مؤكداً أن مبارك «سعى إلى تعديل عقود بيع الغاز» مطالباً بتبرئته. ودافع الديب عن موكله، معتبراً أن «نيابة أمن الدولة العليا حمَّلت بعد انتهاء تحقيقاتها وزير النفط السابق سامح فهمي ورجل الأعمال الهارب حسين سالم مسؤولية عقد صفقة تصدير الغاز من دون أن تتضمن التحقيقات أي اتهام إلى مبارك».