توقع البنك الدولي أن تصل قيمة المساعدات الرسمية المقدمة من دول الخليج إلى الدول العربية الأخرى بين 2012 و2015 كقروض ومنح، 15 بليون دولار، أو 30 في المئة من التمويل الخارجي الذي ستحتاج إليه الدول المتلقية التي تشمل مصر وتونس والأردن والمغرب ولبنان واليمن. وقال مسؤولون في البنك الدولي إن المساعدات الخليجية التي سيأتي معظمها من السعودية يفترض أن تمكن مصر والأردن وفي درجة أقل المغرب من تعزيز موازناتها المالية وزيادة الدعم الحكومي للتخفيف من أعباء أسعار الغذاء والضغوط الأخرى عن مواطنيها. لكنهم لفتوا إلى أن الأردن سيكون أكبر المستفيدين إذ حصل أخيراً على منحة بقيمة 400 مليون دولار من السعودية، إضافة إلى بليون دولار كان تلقاها في تموز (يوليو) الماضي. وشدد المسؤولون على أهمية المساعدات الخليجية وتوقيتها، خصوصاً أنها تأتي بعد الانخفاض الحاد الذي سجلته تدفقات ما يعرف بالاستثمارات الأجنبية المباشرة على رغم أن معظمها خليجي، إلى البلدان العربية النامية. وتراجع حجم الاستثمارات المباشرة بنسبة 40 في المئة العام الماضي، أو من 15.9 بليون دولار إلى 9.6 بليون، علاوة على انكماش تراكمي بلغت نسبته 25 في المئة في العامين السابقين. وبلغت هذه الاستثمارات ذروتها عامي 2007 و2008، إذ تجاوزت 20 بليون دولار سنوياً. وبرزت مصر باعتبارها الأكثر تأثراً بانحسار الاستثمارات المباشرة إذ تقلصت حصتها بنسبة 65 في المئة العام الماضي منخفضة من 6.4 إلى 2.2 بليون دولار، وإن كان الانخفاض طاول الغالبية بنسب متفاوتة بلغ حدها الأقصى 30 في المئة كما في حال الأردن الذي انخفضت حصته من 1.7 إلى أقل من 1.2 بليون دولار. وجاءت ذروة مصر في 2007، حين اقتربت حصتها من 12 بليون دولار. تداعيات لأزمات وكان تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية 2012 الذي أصدره البنك الثلثاء، رصد آثار أزمة ديون دبي والأزمة المالية العالمية على تطور وتيرة تدفق الاستثمارات الخليجية المباشرة إلى شقيقاتها العربية وبلدان أخرى، فبلغت هذه الاستثمارات ذروتها في 2008 عند 37 بليون دولار، ثم انخفضت تدريجاً إلى أدنى مستوى لها عند تسعة بلايين دولار السنة الماضية، لكن الانخفاض انحصر في الاستثمارات الإماراتية والقطرية والكويتية وفي درجة أقل البحرينية، بينما سجلت الاستثمارات السعودية ارتفاعاً مضطرداً لتصل إلى نحو أربعة بلايين دولار سنوياً في العامين الماضيين. وقال خبراء البنك الذين شاركوا في إعداد التقرير، إن «عودة الاستثمارات الخليجية المباشرة، التي نالت الدول العربية النامية حصة متزايدة منها في السنوات القليلة الماضية، إلى مستوياتها السابقة سيتطلب بعض الوقت، فعلى رغم تمتع الاقتصادات الخليجية بزيادة قوية في إيراداتها النفطية وتعزز نمو قطاعاتها غير النفطية بالإنفاق الحكومي، يحتاج انتعاش هذه التدفقات الاستثمارية إلى إعادة بناء الثقة في الدول المضيفة لها». لكنهم لفتوا إلى أن المغرب الذي اتسم أداء اقتصاده بالصلابة في الشهور الأخيرة، نجح، على رغم التحديات التي تواجهها دول المنطقة على الصعيدين الداخلي والخارجي، في اجتذاب استثمارات قطرية وكويتية في مشاريع تنموية، خصوصاً بناء مرافق سياحية بتمويل من الإمارات ودول أخرى يصل إلى 2.5 بليون دولار. وأبدى الخبراء تفاؤلاً حذراً في شأن التحديات الداخلية، خصوصاً بالإشارة إلى أن تونس ومصر وليبيا ربما بدأت بتجاوز الآثار الاقتصادية السلبية لمسار التغيير، مشددين على أن انحسار حال عدم الاستقرار السياسي التي تشهدها المنطقة قد يأتي مصحوباً بتحسن بيئة الأعمال وزيادة النشاط الاستثماري وتسارع حركة تدفق الاستثمارات المباشرة، وكلها عناصر مهمة تساهم في تحسن الأوضاع الاقتصادية.