جمدت فرنسا عملياتها في افغانستان وهددت بسحب قواتها مبكراً من هذا البلد، ما لم تحصل على اجوبة مقنعة في نتيجة التحقيق في مقتل 4 من جنودها وجرح 15 بينهم 8 في حال خطرة، برصاص جندي افغاني خلال تدريبات في وادي تغاب في ولاية كابيسا شرق افغانستان امس. وهذا الحادث الثاني من نوعه الذي يتعرض له جنود فرنسيون في افغانستان خلال شهر. وأكدت مصادر امنية في افغانستان ان الجنود الفرنسيين لم يكونوا مسلحين ولم يرتدوا سترات واقية من الرصاص خلال التدريبات. وأعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، خلال خطاب ألقاه امام اعضاء السلك الديبلوماسي المعتمدين في فرنسا، تجميد العمليات العسكرية في افغانستان وهدد بسحب القوات الفرنسية من افغانستان قبل الموعد المحدد لذلك، اذا لم يتم توضيح الملابسات الامنية للحادث. وقال ان «الجيش الفرنسي موجود (في افغانستان) الى جانب حلفائه (الاطلسيين والافغان) ولا يمكن ان نوافق على ان يقتل حلفاؤنا جنودنا او يجرحوهم». وقال ساركوزي انه سيثير القضية مع الرئيس الافغاني حميد كارزاي عندما يلتقيه في باريس في 27 الشهر الجاري. وأبدى كارزاي اسفه للحادث وقدم تعازيه الى الحكومة الفرنسية. كما اعلن ساركوزي عن ارسال وزير الدفاع جيرار لونغي ورئيس الاركان الاميرال جيرار غييو الى افغانستان فوراً للتحقيق في ملابسات الاعتداء. ووصف وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، في مؤتمر صحافي عقده في الوزارة، الأعتداء على الجنود الفرنسيين بأنه «اغتيال غيرمفهوم وغير مقبول»، مشيراً الى ان بقاء القوات الفرنسية في افغانستان رهن بالإجراءات التي ستعتمدها السلطات الأفغانية لضمان امن القوات الفرنسية خلال تعاملها مع القوات الأفغانية. وقال جوبيه ان «جنودنا موجودون في افغانستان لمساعدة الشعب والجيش الأفغانيين في مسعاهم من اجل الحرية و الديموقراطية، لذا ليس مقبولاً ولا مفهوماً ان يقدم جنود من الجيش الأفغاني على اغتيالهم». وأشار الى ان الاعتداء الأخير سبقه اعتداء مماثل نفذه جندي افغاني ضد جنود فرنسيين في 29 كانون الاول (ديسمبر) الماضي. وأوضح جوبيه ان وزير الدفاع ورئيس الاركان الفرنسيين توجها الى كابول بتكليف من ساركوزي «لتحديد الظروف والمسؤوليات» في هذه «المأساة»، وتقديم تقرير الى الحكومة الفرنسية عن الإجراءات التي تلتزم السلطات الأفغانية اعتمادها «من اجل توضيح طريقة التجنيد في الجيش» الأفغاني و «ضمان امن القوة الفرنسية في تعاملها مع القوات الأفغانية». وزاد جوبيه انه في ضوء هذا التقرير سيتولى ساركوزي واعضاء الحكومة «تقدير ما اذا كانت الظروف الأمنية المتعلقة بقواتنا مقبولة، وإلا تسريع الإنسحاب الكامل» لهذه القوات التي كان يفترض ان تنسحب نهاية العام 2013. في الوقت ذاته، أعلنت القوة الدولية للمساعدة في إحلال الأمن في افغانستان (ايساف) التابعة لحلف شمال الاطلسي والتي تعمل القوات الفرنسية تحت رايتها، اعتقال مطلق النار. ولم تتوافر تفاصيل عن دوافع الاعتداء. ولم تتبن حركة «طالبان» الاعتداء صراحة، لكنها أشارت إلى أن مثل هذه الهجمات جزء من استراتيجيتها. وقال ذبيح الله مجاهد الناطق باسم الحركة: «هناك عدد من الجنود الأفغان يعتزون بكرامتهم الأفغانية والإسلامية في قلوبهم والذين نفذوا عدداً من الهجمات ضد القوات الأجنبية». وأضاف في بيان ان «طالبان زرعت ببراعة مقاتلين داخل صفوف العدو نفذوا هجمات، ولكن من غير الواضح ما إذا كان الذي أطلق النار اليوم (في كابيسا) ينتمي الى الإمارة الإسلامية» في إشارة إلى الاسم الذي تطلقه الحركة على نفسها. وأتى الحادث غداة مقتل ستة جنود اميركيين في تحطم مروحيتهم في ولاية هلمند، معقل «طالبان» في جنوب البلاد. ولا تزال ظروف الحادث غامضة، اذ تحدث الجيش الافغاني عن مشكلة ميكانيكية في المروحية، فيما اكدت «طالبان» انها اسقطتها.