باريس، كابول - «الحياة»، ا ف ب - هدد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بانسحاب مبكر للقوات الفرنسية من افغانستان وأعلن تعليق عملياتها بعدما قتل جندي أفغاني أربعة عسكريين فرنسيين في ثاني حادث من هذا النوع خلال شهر. ووقع الهجوم في اطار تدريب داخل قاعدة غوام في منطقة تقب شرق افغانستان. وقد قتل اربعة جنود فرنسيين وجرح 15 آخرون إصابات ثمانية منهم خطرة، حسبما ذكرت السلطات الفرنسية. وأتى الحادث غداة مقتل ستة جنود اميركيين في تحطم مروحيتهم في ولاية هلمند، معقل «طالبان» في جنوب البلاد. ولا تزال ظروف الحادث غامضة، حيث تحدث الجيش الافغاني عن مشكلة ميكانيكية، فيما اكدت الحركة انها اسقطت المروحية. وأوضحت مصادر امنية في افغانستان ان الجنود الفرنسيين «لم يكونوا مسلحين» ولا يرتدون سترات واقية من الرصاص وكانوا يشاركون في تدريب رياضي. وقال ساركوزي: «نحن اصدقاء للشعب الافغاني وحلفاء للشعب الافغاني لكن لا أقبل أن يطلق جنود افغان النار على جنود فرنسيين»، موضحاً ان وزير الدفاع جيرار لونغيه ورئيس هيئة اركان الجيوش الأميرال إدوار غييو سيتوجهان «فوراً» الى افغانستان. واضاف الرئيس الفرنسي الذي كان يتحدث امام الديبلوماسيين الفرنسيين بمناسبة تقديم التهاني بالسنة الجديدة، أن «كل عمليات التدريب والمساعدة على القتال التي يقوم بها الجيش الفرنسي علقت». وسيقدم لونغيه تقريراً فور عودته من افغانستان. وقال ساركوزي: «اذا لم تحدد الظروف الامنية بوضوح فسنطرح حينئذ مسالة انسحاب مبكر للجيش الفرنسي»، واعداً ببحث هذه المسألة مع الرئيس الافغاني حميد كارزاي. كارزاي يعزي وقدم كارزاي الذي سيزور فرنسا في 27 الشهر الجاري، تعازيه على الفور الى فرنسا. وقال في بيان إنه «حزين جداً من جراء هذا الحادث ويعبر عن تضامنه وتعازيه للشعب الفرنسي ولعائلات الضحايا»، مؤكداً ان «فرنسا قدمت مساعدة كبرى» لأفغانستان في السنوات العشر الماضية وان «العلاقات بين البلدين كانت تستند على الدوام الى النزاهة». من جهته، انتقد وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه شروط التجنيد، مؤكداً ان فرنسا تطلب من الجيش الافغاني «ضمانات موثوقة» حول تجنيد عناصره. وقال إن «سلطات كابول يجب ان تقول بشكل واضح أي الإجراءات ستتعهد باتخاذها لتوضيح طرق التجنيد في الجيش الافغاني وضمان الامن للقوة الفرنسية». وشدد جوبيه ايضاً على «تسريع انسحاب كامل من قواتنا المقرر في نهاية 2013». وقال ساركوزي ان «الجيش الفرنسي يقف الى جانب حلفائه لكن لا يمكننا ان نقبل ان يقتل اي من جنودنا او يجرح من قبل حلفائنا. انه امر غير مقبول». اعتقال مطلق النار وطوق الجيش الفرنسي محيط القاعدة الفرنسية في وادي تغاب ومنع دخول قوات الامن الافغانية كما قال مصدر امني اخر. وفي وقت سابق اعلنت القوة الدولية للمساهمة في ارساء الامن في افغانستان (ايساف) التابعة للاطلسي والتي تعمل القوات الفرنسية تحت رايتها، ان اربعة من جنودها قتلوا برصاص عسكري افغاني لكن من دون تحديد جنسياتهم. وقالت انه تم «اعتقال مطلق النار المفترض». وقدم الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن تعازيه لفرنسا، معتبراً أنه «يوم حزين جداً» لقوات حلف شمال الأطلسي. ويذكر هذا الهجوم بآخر وقع في 29 كانون الاول (ديسمبر) الماضي، حين قتل عنصران فرنسيان برصاص جندي من الجيش الوطني الأفغاني الذي يقومون بتدريبه في ولاية كابيسا بشمال شرق كابول، المنطقة التي يتسلل اليها عناصر «طالبان» ويوجد فيها وادي تغاب. وبذلك يرتفع الى 82 عدد العسكريين الفرنسيين الذين قتلوا في افغانستان منذ بدء النزاع في 2001 والى ستة عدد القتلى في اقل من شهر. وفرنسا التي تنشر حاليا 3600 جندي في البلاد بعد سحب 400 عسكري منذ تشرين الاول (اكتوبر) الماضي، سجلت في العام 2011 اعلى خسائر لها منذ بدء النزاع مع مقتل 26 جندياً في عمليات بينهم خمسة في هجوم انتحاري في 13 تموز (يوليو) الماضي. وبعد القرار الذي اعلنه الرئيس الافغاني في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بنقل المسؤولية الامنية في اقليم سورابي (شرق كابول) الى القوات الافغانية، ركز الفرنسيون جهودهم في كابيسا حيث سجلوا اعلى خسائرهم في 2011. ويقوم الفرنسيون بتدريب الجيش الافغاني الذي يفترض ان يتسلم المهام الامنية من قوة حلف شمال الاطلسي بعد رحيل القوات الدولية المرتقب في 2014. وللمرة الاولى منذ ثماني سنوات تراجع عدد جنود الاطلسي الذين قتلوا في افغانستان سنة بعد سنة لينخفض من 711 في 2010 ، السنة الاكثر دموية للقوات الاجنبية، الى 566 في 2011.