طرابلس - ا ف ب - وقفت مجموعة من عشرين متمرداً ليبياً بالزي العسكري الأخضر في مركز التجنيد في عين زارة قرب العاصمة الليبية، وقد حمل كل منهم ملفه في انتظار إنهاء إجراءات التسجيل للانضمام إلى وزارة الداخلية. ويسأل الرجل المكلف بالإشراف على العملية وقد اعتمر قبعة كتب عليها «ليبيا حرة» كل واحد منهم «ما اسمك؟ ما تاريخ ولادتك؟ الى اي كتيبة تنتمي؟». بعضهم أمضى شهوراً على الجبهة أثناء القتال ضد أنصار نظام معمر القذافي والبعض الآخر تولى تأمين حيه أثناء الحرب. واليوم بوسع هؤلاء «الثوار» إذا رغبوا، الانضمام إلى وزارة الداخلية. وقبل عام غادر آلاف الليبيين العمل والدراسة لحمل السلاح ضد قوات القذافي. وبعد إطاحة النظام نهاية آب (أغسطس) الماضي ومقتل القذافي في 20 تشرين الاول (اكتوبر) الماضي، بقي القسم الأكبر منهم منخرطاً في كتائب مسلحة. ولئن كان الجيش والشرطة لا يزالان غير عمليين في شكل كامل، فإن هذه الميليشيات هي التي تسيطر على الوضع في شكل كبير في ليبيا. وبدأت السلطات الجديدة القلقة من انتشار الأسلحة وتعدد الحوادث بين جماعات مسلحة، خطة لضم نحو 200 ألف من الثوار السابقين في مؤسسات المجتمع. ومن المقرر أن ينضم زهاء خمسين ألفاً منهم إلى أجهزة وزارتي الداخلية والدفاع والبقية يمكنهم الاستفادة من مساعدة مالية لإقامة مشاريع أو إنهاء دراستهم. وينوي خالد ميلاد، عضو كتيبة الخمس، المدينة التي تقع على بعد مئة كلم شرقي العاصمة، الانضمام إلى وزارة الداخلية وذلك من أجل «حماية البلاد». وقال ميلاد (24 عاماً) ذو الابتسامة الخجولة والذي كان يدرس الحقوق قبل الحرب: «الميليشيات ليس لها مستقبل، لا يجب أن نصبح مثل الصومال». ويؤكد سالم عتيق العسكري السابق وقائد الكتيبة، أنه سلم الأسلحة كافة للسلطات، مؤكداً: «نريد الأمن». ويتعين على كل من يريد التسجيل في لوائح وزارة الداخلية من هؤلاء الثوار السابقين أن يقول إذا كان يملك سلاحاً وأن يلتزم بتسليمه. غير أن حسين نكيبي (طالب هندسة) قال إنه من المثير للاستغراب أنه منذ هذا الصباح «لم يعترف أحد أنه يملك سلاحاً». وأضاف: «انهم لا يريدون إعادة الاسلحة. لقد مات القذافي. ماذا يريدون ان يفعلوا بالسلاح؟». وأوضح أنه لا ينتمي إلى أي كتيبة: «أنا جئت فقط بحثاً عن عمل». ويشير الناطق باسم وزارة الداخلية عبد المنعم التونسي، إلى أن التوظيف مفتوح للجميع، لكن الأولوية ستمنح للذين قاتلوا على الجبهة والذين حموا الأحياء السكنية والمرافق الحيوية. ورأى ان دمج الثوار السابقين وتدريبهم يمثل فرصة لإعادة تأسيس الشرطة. وقال: «الشرطة كانت مهمشة وكان ولاؤها للنظام وليس للدولة... في ليبيا الجديدة نريد شرطيين مثقفين يعرفون كيف يتعاملون مع المواطنين ويحترمون حقوق الإنسان». وسيتم توزيع الذين يتم توظفيهم لقاء 600 دينار ليبي (480 دولاراً) شهرياً، بحسب كفاءاتهم ومستوى تعليمهم وسيتم تدريب بعضهم في الخارج. وسيتولى الأردن تدريب عشرة آلاف من الثوار السابقين. لكن حتى الآن فقط 270 شخصاً سجلوا أسماءهم في طرابلس منذ بدء عمليات التسجيل الأسبوع الماضي، بحسب التونسي الذي أعرب عن الأسف لضعف التغطية الإعلامية للعملية من قبل وسائل الاعلام المحلية. وتترك الخطة الخيار للثوار السابقين، بعد التدريب، للاندماج أو عدم الاندماج في وزارة الداخلية، الأمر الذي قد يضفي بعض اللبس. ويقول الناطق باسم الداخلية: «الأمر يتعلق بنوع من تغيير الجو... لإخراجهم من العقلية الثورية. طبعا سنكون إزاء خسارة مال ووقت» إذا لم يلتحقوا بعد التدريب بوزارة الداخلية.