تعاني 62 في المئة من نساء مصر السمنة، بحسب «المعهد المصري القومي للتغذية»، الذي أكدت دراسة صدرت عنه أخيراً تصدّر مصر الدول العربية في نسبة الإصابة بالسمنة بين النساء. ولاحظ المشرف على فريق إعداد «الكتاب الطبي لمنظمة الصحة العالمية» الدكتور عبدالرحمن مصيقر أن معدل انتشار السمنة في الدول العربية يفوق نظيره في معظم الدول المتقدمة، «ما يعد مؤشّراً الى أن الأمراض المزمنة ستأخذ في الإرتفاع، بالنظر الى علاقتها مع السمنة». ولاحظ ايضاً أن «المؤشرات تأتي في ظل زيادة مطردة في متوسط عمر الفرد في الدول العربية». وأرجع مصيقر ارتفاع نسبة السمنة في مصر والعالم العربي، إلى قلّة النشاط البدني، والإفراط في تناول الطعام، وكثرة الحمل والولادة، إلى جانب عوامل نفسية وإجتماعية متنوّعة. وفي سياق متّصل، رأت الدكتورة صفاء الحسين، وهي إختصاصية في «المعهد القومي المصري للتغذية»، أن قلّة الوعي هي أحد الأسباب الرئيسة في انتشار السمنة. ولفتت إلى «ضعف برامج التوعية بالمقارنة مع نظيراتها في الدول المتقدمة التي تحرص على تنفيذ برامج توعية بطرق شيّقة تجذب الجمهور بفئاته المختلفة». واقترحت الحسين «أساليب جديدة للتوعية، تشمل عقد مسابقات عن المعلومات الصحية تستهدف فئة الشباب، التي تعتبر الفئة الأكثر قدرة على تغيير عاداتها الغذائية بالمقارنة مع كبار السن، وتنظيم رحلات لمصانع الأغذية، وتأليف نصوص مسرحية تتناول هذا الشأن وغيرها من الأساليب التي تضمن عرض مخاطر السمنة بأشكال غير تقليدية». ويعتبر استخدام الأساليب العلاجية الخاطئة أحد عومل انتشار مرض السمنة، بحسب أستاذ التغذية المساعد في كلية التربية في جامعة عين شمس الدكتور أيمن فتحي، «كأن يعمد البعض إلى استعمال أدوية مرضى السكري كوسيلة لإنقاص الوزن على رغم المخاطر الجمّة في هذا الأمر، واللجوء إلى العمليات الجراحية التي قد لا تناسب كثير من حالات السمنة، بل قد تكون أكثر خطورة لمن لديهم طبقات زائدة من الدهن». واعتبر فتحي أنه «لا يوجد نظام متّفق عليه علمياً لإنقاص الوزن»، محذراً من تعاطي بعض أدوية إنقاص الوزن التي قد تصيب المريض بالاكتئاب. ورأى أن «أفضل طرق إنقاص الوزن تتمثّل في اختيار نظام حياة صحي مملوء بالنشاط البدني، بمعنى أن يتضمن تناول غذاء صحي وممارسة الرياضة بصورة منتظمة». وبيّن أن هذا النظام يساهم في تخفيض مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسرطان. السنوات الهاربة «كلما كان الوزن الزائد أكبر، كثر عدد السنوات التي تهرب من العمر»، قالت الدكتورة ليلى عبد المنعم السباعي، وهي إختصاصية في العلوم وتكنولوجيا الأغذية في حديثها عن العلاقة بين مرض السمنة وعمر الإنسان. وزادت: «إذا كان وزنك 10 في المئة أكثر من الوزن المثالي لجسمك، تزيد فرصة أن تموت في سنّ أقل من متوسط العمر في مجتمعك. وهناك جداول توضح معدلات الوزن الطبيعية. ويجب التنبّه أيضاً لطريقة توزيع الدهون في الجسم، والإنتباه الى وجود مشاكل مرضية مُضافة إلى الوزن الزائد. يمثل وزن الجسم جزءاً من الوضع الصحي للإنسان. فربما يكون توزيع الدهون بالنسبة للعمر أهم بكثير من الوزن. ومثلاً، بالنسبة للسيدات الأصحاء، تمثّل الدهون قرابة 25 في المئة من وزن الجسم، بينما تمثل قرابة 17 في المئة من وزن الرجال الأصحاء. يجب الإنتباه إلى أن جسم السيدات مهيّأ لحمل كمية كافية من الأنسجة الدهنية، لإمداد الجسم بالوقود الكافي أثناء الحمل والرضاعة حتى مع ندرة الأطعمة». وأوضحت السباعي أن «منظمة الصحة العالمية» وضعت أُسُساً أوّلية للوقاية من السمنة المفرطة، تتضمن معرفة الوزن المناسب للطول، وتجنب استخدام الأنظمة الغذائية غير العلمية لتخفيف الوزن، كتلك التي تروج في الكتب والمجلات التجارية. وحثّت مراكز الرشاقة على إعطاء قوائم غذائية علمية للمترددين عليها، وأن تحرص على تأكيد تجنب ممارسة الرياضة قبل مرور ساعتين على تناول الوجبة الرئيسة، والإقلال من تناول الأغذية الدهنية والتي تحتوي على سكريات، وعدم استخدام الأدوية المُخفّضة للشهية بالنظر إلى الأخطار الصحية التي ترافقها.