تزداد مخاوف أهالي محافظة بيشة يوماً بعد آخر مع اقتراب مياه الصرف الصحي القادمة من محافظة خميس مشيط ومدينة أبها، إلى سد الملك فهد الذي يعتبر «شريان حياة بيشة»، حيث تتجمع هناك وتشكل خطراً حتمياً على سكان المحافظة خصوصاً أن سد الملك فهد يعتبر المصدر الوحيد للمياه في المحافظة بعدما جفت الآبار. وتختلف وجهات نظر مسؤولين في المديرية العامة للمياه والشؤون الصحية في محافظة بيشة فيما يتعلق بمدى خطورة مياه الصرف الصحي والفترة المتبقية قبل أن تهدد مياه السد، فالأولى تؤكد أنها غير خطرة وتحتاج إلى عامين كحد أدنى لتصل إلى السد، في حين أن الثانية لا تخفي قلقها. وتعمل جهات حكومية منذ نحو عام على مشروع لتحويل مسار تلك المياه إلى ما بعد صحراء المهمل الخالية من السكان، وانتهت من 50 في المئة من المشروع اللازم لذلك، إلا أن هطول المطر الذي انحبس لعامين مرة واحدة على مجرى الوادي الذي تسير المياه فيه الآن كفيل بوصول مياه «الصرف» إلى السد خلال ساعات بحسب تأكيد عدد كبير من الأهالي، الذين أطلقوا حملات عبر مواقع للتواصل الاجتماعي يطالبون فيها بالإسراع في الانتهاء من المشروع، خصوصاً أن المياه الآسنة تتسرب إلى مختلف طبقات التربة، وتسبب تلوثاً لا يمكن التخلص منه بسهولة. وأكد صمهود الغامدي الذي يقطن في مدينة بيشة، أنه لم يلمس من الجهات المعنية في منطقة عسير أي تحرك جاد لإيقاف جريان مياه الصرف الصحي التي تهدد حياة المواطنين في محافظة بيشة، مشيراً إلى أن مواطنين تقدموا بشكاوى إلى إمارة المنطقة ووزارة المياه والصحة بهذا الشأن. وذكر عضو هيئة التدريس في جامعة الباحة الدكتور محمد الشهراني، أن محافظة بيشة عانت طويلاً من كارثة زراعية ولم يتم إيجاد حلول لها بعد أن فقدت كثيراً من نخيلها وافتقدت الأمن الغذائي، وزاد من مشكلاتها الآن استقبال كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي مع ما يمثله ذلك من خطر على سد الملك فهد، في حين أن مشروع مياه «الوجيد» الذي تم اعتماده لم ينته بعد. وشكلت «صحة محافظة بيشة» لجنة لتقصي الحقائق حول مدى وجود مياه ملوثة على مشارف سد محافظة بيشة قبل نحو شهر، وخلصت اللجنة في تقريرها إلى أن فرق مكافحة نواقل المرض في وادي بيشة تفقدت حدود تلك المياه الملوثة، واتضح أن الماء وصل قرية منصبه الواقعة على بعد 10 كيلو مترات من وادي بيشة، ولا تزال المياه تجري بكميات كبيرة، مشيرة إلى أن المسافة المتبقية لوصول المياه إلى بداية منطقة عمل الفريق في وادي متلقى ووادي نكب لا يزيد على 50 كيلو متراً تقريباً. وتوقعت اللجنة أنه تصل المياه الملوثة إلى منطقة عملها في محافظة بيشة خلال 6 أشهر، وعندها ستعد التقرير اللازم. وذكر مدير العلاقات العامة في «صحة بيشة» عبدالله الغامدي ل«الحياة» أن هذا التقرير المبدئي يشرح خطورة الحدث وما يمكن أن يجلب من مآسٍ للمواطنين في المحافظة ويهدد أمنهم الغذائي والصحي. وأشار مسؤول في المجلس المحلي التابع لمحافظة بيشة (فضل عدم ذكر اسمه) إلى أن المجلس المحلي أرسل خطابات عدة إلى إمارة منطقة عسير يتحدث فيها عن مخاوفه من حدوث كارثة طبيعية في حال وصلت مياه الصرف الصحي من مدينة أبها ومحافظة خميس مشيط إلى سد الملك فهد. لكن مدير فرع المياه والصرف الصحي في «بيشة» فايز عيسوب أكد ل«الحياة» أن مياه الصرف الصحي لا تزال بعيدة عن محافظة بيشة بنحو 120 كيلومتراً، وتحتاج إلى عامين أو ثلاثة للوصول إليها. وتابع: «مياه الصرف الصحي القادمة من أبها وخميس مشيط لا تشكل خطراً كبيراً كما يظن البعض، إذ إنها معالجة وليست خاماً، وتعتبر مثل بحيرة المسك في جدة، مطمئناً الأهالي إلى أن هذه المشكلة ستنتهي قريباً عبر تحويلها إلى الربع الخالي. المشروع الجديد لتحويل المياه إلى الصحراء يواجه هو الآخر مشكلات، بحسب المواطن سعود الشهراني الذي يسكن مدينة وادي بن هشبل: «شاهدت عدداً من المزارعين في بداية وادي بيشة يكسرون أنابيب تضعها المديرية العامة للمياه في منطقة عسير لتحويل مسار مياه الصرف الصحي إلى صحراء الربع الخالي، وذلك من أجل استخدامها في ري أراضيهم، وهو ما يمكن أن يؤثر في تسرب مياه الصرف باتجاه وادي بيشة». المحافظ: السد في مأمن والمياه ليست ضارة