لم تكن الصحافة الإيرانية بعيدة من الزخم الانتخابي الذي شهدته إيران أثناء الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بل كانت جزءاً من الوسائل التي حاولت التيارات والأحزاب السياسية زجها في خضم الماكنات الانتخابية، على رغم فقدان عدد من الأحزاب، خصوصاً الإصلاحية، لصحف خاصة بها. إذا استثنينا حزب الثقة الوطنية «اعتماد ملي» الذي يملك صحيفته الخاصة «اعتماد ملي»، فإن بقية الأحزاب السياسية لا تمتلك صحفاً ناطقة باسمها، إذ لجأ الكثيرمن الأحزاب كحزب المشاركة الإسلامية، ومنظمة مجاهدي الثورة الإسلامية، على سبيل المثال، الى الصحف الإلكترونية لسد الفراغ الذي ولدته عملية إغلاق صحفها لانتهاكات قانونية ارتكبتها هذه الصحف سابقاً وفقاً لقانون الصحافة، لكن ذلك لم يمنع انحياز الصحف الصادرة في ايران الى هذا المرشح او ذاك ، لتكون ضمن الماكينات الانتخابية في شكل يصعب فيه العثور على صحيفة مستقلة بعيداً من التجاذبات الانتخابية. وفي خطوة رائدة، عمدت «جمعية الصحافيين المسلمين» القريبة من التيار المحافظ الى وضع برنامج لدرس آلية تعاطي الصحف الإيرانية مع الانتخابات الرئاسية. وأشار رئيس الجمعية مهدي فضائلي إلى ان البرنامج حاول دراسة تعاطي أبرز 25 صحيفة تصدر في ايران مع الانتخابات في الفترة الواقعة بين 12 شباط (فبراير) الماضي و12 حزيران (يونيو)، موعد الانتخابات الرئاسية. ووضع البرنامج محاور لمراقبة هذه الصحف، وهي مدى الالتزام بتوجهات القيادة، ودعوة المواطنين إلى المشاركة في الانتخابات، والالتزام بالأطر القانونية، والتحذير من الدعاية الخارجية، والالتزام بالأخلاق المهنية، وتسويق برامج المرشحين من دون الشعارات المطروحة، إذ جرت المراقبة من خلال العناوين الرئيسية وافتتاحيات هذه الصحف التي صدرت خلال الفترة المذكورة. وأعلن البرنامج فوز 6 صحف كانت أكثر انسجاماً مع المحاور التي وضعها، وهي صحف «إيران» و«جوان» (الشاب) و «كيهان» و «وطن أمروز» (وطن اليوم) و«رسالة»، فيما تحدث البرنامج عن «أسوأ صحيفة» لم يسمها لاعتبارات مهنية كانت الأبعد عن المحاور المذكورة. ونظراً إلى توجه الجمعية السياسي والمحاور التي وضعتها في البرنامج المذكور، فإن الصحف الفائزة كانت اثنتين، منها رسمية («ايران» و «جوان») وواحدة شبه رسمية («كيهان»)، فيما الصحيفتان الأخريان («وطن امروز» و «رسالة») كانتا خاصتين. ويحظر قانون الانتخابات مشاركة الصحف الرسمية وشبه الرسمية في الدعاية الانتخابية، لكن القانون لا يمانع من مشاركة هذه الصحف في المواقف العامة كحض الناخبين على المشاركة في الانتخابات. وماعدا ثلاث مؤسسات صحافية («ايران» و «كيهان» و«اطلاعات») التي تعتبر رسمية او شبه رسمية، فإن بقية الصحف الصادرة في ايران هي صحف خاصة لا ترتبط بمؤسسات رسمية. وإذا أردنا تصنيف ابرز الصحف التي كانت لها مواقف حيال المرشحين، فإن صحيفتي «إيران» و«كيهان» الرسميتين كانتا مع الرئيس احمدي نجاد، فيما وقفت صحيفة «اطلاعات» الرسمية وصحيفة «اعتماد» مع مير حسين موسوي، في وقت ساندت صحيفتا «اعتماد ملي» و «افتاب يزد» مهدي كروبي، في حين لم تسجل صحيفة وقفت بوضوح الى جانب المرشح المحافظ محسن رضائي. وعمد المرشح موسوي إلي إصدار صحيفة «الكلمة الخضراء» (كلمة سبز) اليومية قبيل الانتخابات لتكون الصحيفة الرسمية الناطقه باسمه، إذ طبعت ووزعت بأربع صفحات وأحياناً بثمان صفحات اقتصر محتواها على النشاطات الانتخابية من دون ان يكون لها دور مؤثر في الماكينة الانتخابية لموسوي. تبقى صحيفة «همشهري» التابعة لبلدية طهران والتي تعتبر الأكثر انتشاراً ومبيعاً، فهي وقفت «الى حد بعيد» على الحياد بين المرشحين الأربعة ونقلت الأخبار الرسمية عن الانتخابات مبتعدة في ذلك عن التجاذبات التي رافقت العملية الانتخابية.