تتهيأ الحكومة اللبنانية للتباحث مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مواضيع عدة حساسة خلال زيارته التي تبدأ الجمعة المقبل لبيروت، من عنوان المراجعة الاستراتيجية لدور «يونيفيل» في جنوب لبنان استناداً إلى تحقيق هدف تسلم الجيش اللبناني تدريجاً مزيداً من المهمات من قوات الأممالمتحدة الموجودة في إطار قرار مجلس الأمن الرقم 1701، مروراً بتطبيق لبنان القوانين الدولية على اللاجئين السوريين إلى لبنان بحكم الأزمة السورية وعملية ضبط الحدود والخروق السورية لها وفق ما جاء في تقرير الأمين العام الأخير حول تنفيذ القرار 1701 وصولاً إلى مسألة تجديد بروتوكول التعاون بين لبنان والمحكمة الخاصة بلبنان بدءاً من أول آذار (مارس) المقبل. وقال مصدر رسمي لبناني ل «الحياة» إن «حزب الله» كان أبلغ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال لقائه الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله قبل الأعياد أن قيادته لن تقبل بتجديد التعاون مع المحكمة، بعد تمرير تمويلها على رغم معارضة الحزب للتمويل ولأنها تعتقد أن بروتوكول التعاون مع المحكمة يتعارض في بعض بنوده مع السيادة ويسمح بانتهاكها. «فيتو» غربي على التعديل وأوضح المصدر نفسه أن طلب «حزب الله» عدم تجديد بروتوكول التعاون، أو تعديل بعض بنوده قوبل من ميقاتي بتأكيده أن صلاحية السلطات اللبنانية ودورها في هذه المسألة معدومة لأسباب عدة، أولها أن للأمين العام للأمم المتحدة طلب التجديد من مجلس الأمن، وأن نص القرار الدولي 1757 واضح في هذا المجال، إذ يشير إلى «استشارة» بان كي مون للحكومة اللبنانية، بما يعني أن الصلاحية في هذا المجال تعود إليه حصراً، وأن موقف الحكومة استشاري فقط. ويضيف المصدر أن من الأسباب الأخرى التي تجعل دور لبنان في التجديد أو التعديل في بروتوكول التعاون معدوماً، أن ميقاتي تبلّغ من دول أوروبية، ومنها فرنسا حين فاتحها بالأمر، بأن أي تعديل لبروتوكول التعاون قد تطلبه الحكومة، إذا جرى التوافق عليه في داخلها، ويكون غير مقبول من الدول الكبرى في مجلس الأمن يسمح لأي منها باستخدام حق النقض على هذا التعديل في المجلس بحيث لا يمر. وعلمت «الحياة» أن ميقاتي دعا «حزب الله» إلى الاستعاضة عن طلب عدم التجديد لبروتوكول التعاون أو تعديله، بالتعاطي اللبناني مع طلبات المحكمة الدولية في إطار التحقيقات التي يجريها مكتب المدعي العام وفقاً لمقتضيات السيادة والقوانين اللبنانية، مع مراعاة مقتضيات التزامه القانون الدولي الذي لا تجوز معاكسته نظراً إلى آثار ذلك سلباً على لبنان وعلى علاقته بالمجتمع الدولي. وأعطى ميقاتي أمثلة على ذلك، مشيراً إلى أن إدارات ووزارات لبنانية سبق أن امتنعت عن التجاوب مع طلبات من قبل التحقيق الدولي لأنها كانت تشكل خرقاً للسيادة والأصول مثلما حصل أواخر عام 2010، حين طلب التحقيق الدولي من وزارة الداخلية ووزارة الاتصالات والطيران المدني، معلومات عن مئات الأشخاص ولم يقبل المعنيون بالتجاوب معها، نظراً إلى اتساع نطاق المعلومات المطلوبة بما يفوق حاجة التحقيق الدولي، فقام مكتب المدعي الدولي بخفض المعلومات المطلوبة حول مواطنين لبنانيين وحصرها بزهاء 30 اسماً فقط. وذكر المصدر الرسمي أن «حزب الله» سلّم بالحجج التي ساقها ميقاتي في هذا الشأن ولو على مضض، خصوصاً أن المحكمة واصلت خلال الأشهر القليلة الماضية طلبها التعاون من قبل السلطات اللبنانية، التي تعاونت بعض الإدارات التابعة لها معها، فيما أحجمت إدارات أخرى على ذلك. وعلمت «الحياة» أن مظاهر التعاون مع المحكمة استمرت كالآتي: 1 - أن مكتب المدعي العام طلب معلومات من إدارات ووزارات عن عدد من الأشخاص في سياق متابعته تحقيقاته، فلقي تجاوباً من إدارات ووزارات رأت أن طلباته معقولة في حدود السيادة ومقتضيات التحقيق، فيما رفضت إدارات أخرى هذه الطلبات. وشملت هذه الطلبات وزارتي الداخلية والاتصالات ومديرية الطيران المدني وغيرها. 2 - أن شخصية جنوبية مقربة من «حزب الله» طُلبت قبل أسابيع إلى التحقيق من قبل مكتب التحقيق الدولي في لبنان، التابع للمدعي العام الدولي، فمثلت أمام التحقيق في مقر المكتب في مونتي فردي في جبل لبنان. وهذه الشخصية وثيقة الصلة ب «حزب الله». أشقاء المتهمين 3 - أن أشقاء للمتهمين الأربعة بالتورط في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري والذين وردت أسماؤهم في القرار الاتهامي للمدعي العام دانيال بلمار، مثلوا أمام السلطات اللبنانية المختصة، القضائية والأمنية، للاستماع إلى إفاداتهم رداً على الأسئلة عن أمكنة وجود أشقائهم المتهمين الذين طلبت المحكمة الدولية من لبنان إبلاغم بالتهم الموجهة إليهم تمهيداً لبدء إجراء المحاكمة. وكان جواب ألاشقاء أنهم لا يعرفون أماكن إقامتهم منذ مدة طويلة وأن لا وسائل اتصال معهم... ورأت مصادر متابعة للملف أن التعاون بين لبنان والمحكمة يفرض نفسه بفعل الحاجة إلى عدم الاصطدام بالمجتمع الدولي وأن حتى «حزب الله» يضطر إلى مراعاة مقتضيات هذا التعاون، على رغم اعتباره المحكمة كأنها غير موجودة.