ما هي البرامج الأكثر استقطاباً للمشاهدين الذين يتابعون المحطات الفرنسية؟ المسلسلات الأميركية! هذا ما يكشفه تقرير اعدته «ميديا متري» و «القناة الفرنسية الأولى». التقرير المدعم بالأرقام يثير دهشة مدعَمة بالتساؤلات. لكن العودة إلى منطق التلفزيون لا يلبث أن يبعد شعوراً كهذا. فالتلفزيون يبدو هنا على حقيقته وسيلة ترفيهية تعكس في الوقت ذاته حال المجتمع. أعد التقرير لائحة اقتصرت على مئة من برامج الشاشات الفرنسية التي استقطب كل منها على مدى العام المنصرم أكثر من سبعة ملايين مشاهد. احتلت الرياضة المركز الأول بحصولها على أعلى نسبة متابعة خلال السنة، إذ استقطبت المباراة النهائية في كأس العالم للركبي بين فريق فرنسا ونيوزلاندا أكثر من 15 مليوناً، ما معناه 82 في المئة من مشاهدي التلفزيونات الفرنسية! ورياضة الركبي تكتسب شعبية متزايدة تعود ربما إلى الاداء المتميز للفرنسيين فيها، والمثير أن هذه المباراة تفوقت في رصيدها من المتابعة على مباراة في كرة القدم لتصفيات كأس العالم بين فرنسا والمكسيك عرضت في العام ذاته. وأتى بعد مباراة الركبي في المراكز العشرة الأولى في اللائحة، برنامج منوعات تلته نشرة إخبارية على «تي اف 1» احتوت مقابلة مع دومينيك ستروتس- كان في أول ظهور إعلامي له بعد إخلاء سبيله وعودته من الولاياتالمتحدة إلى فرنسا، تبعتها النشرة الرياضة مجدداً ثم المسلسل الأميركي الذي احتل المواقع من خمسة إلى عشرة! ولكن وان جاءت الرياضة في الموقع الأول والرابع، فإنها لم تحتل سوى سبعة مراكز في اللائحة المئوية لأعلى نسبة متابعة وظلت بعيدة عن الأرقام التي حققتها المسلسلات الأميركية التي حلت 72 مرة ضمن اللائحة. أكثرها حظوة كان البوليسي «ذا مانتاليست» في موسمه الثالث، وتفوق بهذا على أعمال أميركية شعبية هي الأخرى مثل «طبيب المنزل» و «روح الجريمة». ولم تحتل السينما سوى أربعة مواقع على القائمة، اما الفيلم الأكثر نجاحاً «تلفزيونياً» فلم يكن أميركياً هذه المرة بل فرنسياً هزلياً بعنوان «من الجهة الأخرى للسرير»، وهو من بطولة نجمين محبوبين في فرنسا، هما داني بون وصوفي مارسو. وكانت البرامج المئة التي استقطبت الجماهير كلها على «تي اف 1»، باستثناء برنامج وحيد استطاعت عبره «فرانس2» أن تتغلغل إلى اللائحة بعدما استقطبت ثمانية ملايين مشاهد جلسوا ليتابعوا «موعد في ارض مجهولة». كان هذا الموعد مع فريدريك ميشالان، وهو لمن لا يعرفه... «ركبي مان» فرنسي! لعل الانشداد الفرنسي، وربما العالمي، الى سحر المسلسلات الأميركية يكمن في قدرتها على تبيان حال المجتمع ولعبها على «الفانتازم» والقلق العام الكامن في الوعي أو اللاوعي عند الإنسان المعاصر، بأدوات متعارف عليها، تسمح بمتابعتها في اي وقت. وهي في هذا تتميز عن المسلسلات الفرنسية التي تتجنب المواضيع الحساسة والخطاب غير اللائق سياسياً.