أنقذ حضور وزير الداخلية الفرنسي نشرة أخبار الثامنة على محطة «فرانس 2» من الاختفاء، ليوم واحد على الأقل. فالإضرابات التي دعت إليها نقابات العمال في السمعي البصري الفرنسي، الثلثاء، احتجاجاً على سياسة التقشف الحكومية في فرنسا، كانت ستشمل النشرة المسائية لولا الموعد المسبق لحوار مع الوزير. وتتضمن مؤسسات السمعي البصري «فرانس تلفزيون» و «راديو فرنسا» والسمعي البصري الموجه الى خارج فرنسا و «آرتي» و «المركز الوطني للسينما»... ولكن سيكون على «فرانس تلفزيون» اعتباراً من العام المقبل تحمل العبء الأكبر من التخفيض في الدعم العام الذي سيطاول مؤسسات السمعي البصري عموماً، فالتلفزيون العام هو هدف الحكومات دوماً كونه يحظى بالنسبة الأكبر من الدعم، إضافة إلى «تمتعه» بسمعة سيئة بسبب ما يقال عن أسلوب إدارته ونفقاته الباهظة، ولذلك فهو مطالب بخفض هذه النفقات بنسبة تقترب من الثلاثة والنصف في المئة، أي ما يعادل 85 مليون يورو. ستكون سنة سوداء وهذا الإضراب الذي لم تتعد نسبته 18 في المئة من عدد العاملين، والذي تأثرت به «فرانس 3» و «فرانس 2» أكثر من القنوات الأخرى، جاء في وضع حرج يعيشه التلفزيون الفرنسي. وضع مبعثه ليس الحال الاقتصادية العامة المتردية في فرنسا وقرار تقليص الدعم فحسب، بل أيضاً انخفاض نسبة مداخيل الإعلانات ووصول مزيد من القنوات المجانية إلى السوق. ومن الملاحظ أن هذه القنوات الجديدة تجذب مزيداً من مشاهدي القنوات العامة التي تتأثر بوصولها مثلاً اكثر من المحطة الخاصة «تي اف1». ويشعر العاملون في «فرانس تلفزيون» بقلق ناتج من تخفيض الموازنة وعما يمكن أن تتخذه الإدارة من استراتيجية مستقبلية. ويبدو أن المدير العام لا يريد المس أو التخلص من اية قناة ويوجه جل جهوده نحو تقليص النفقات، وبالطبع سيكون أولها الرواتب التي تشكل أكثر من ثلث موازنة المؤسسة وثانيها الاستثمار في الخلق والإبداع. وهنا القضية. فالخطة تقوم على عدم التوظيف وعلى التخلص من هؤلاء الذين تقترب أعمارهم من سن التقاعد وأيضاً تحفيز آخرين على المغادرة، ولكن هل سيحفز على المغادرة «نجوم» التلفزيون الذين تأخذ رواتبهم حيزاً كبيراً والذين يحققون نسبة مشاهدة عالية؟ ثم ما هي البرامج التي سيلحقها تقليص الموازنة؟ وهل ستكون تلك التي تستقطب الإعلانات والجمهور؟ أم تلك التي يهتم بها جمهور ضئيل من المشاهدين؟ قد يكون على «فرنسا تلفزيون» كمؤسسة عامة أن تختار بين مهماتها وأن تقوم بدراسة الأهداف والوسائل التي تضمن لها وجوداً على الساحة، ولكن ليس عبر الاهتمام بالمردودية فقط ونسبة المتابعة، فليس غير المحطات العامة من يهتم حقاً بالقلة القليلة.