منحت الحكومة العراقية القادة العسكريين والامنيين الميدانيين صلاحيات واسعة في مطادرة المطلوبين بالجريمة المشهودة من دون مذكرات قضائية ابتداء من اليوم الاول للانسحاب الاميركي من المدن في 1 تموز (يوليو) الجاري. وأوضحت مصادر قضائية ان «الصلاحيات الممنوحة للقادة الميدانيين لا تعني تجاوز السلطات القانونية»، فيما ابدت اطراف سياسية قلقاً من هذا الاجراء وطالبت بتطبيق قوانين الاعتقال عبر حسم ملف المعتقل خلال 48 ساعة منعاً لتسييس القضية. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية اللواء عبدالكريم خلف في اتصال مع «الحياة» ان «الحكومة العراقية خولت القادة الميدانيين ملاحقة الاهداف الخطرة، أي المطلوبين من الارهابيين، من دون انتظار مذكرة الجهات القضائية». واستدرك ان «هذا لا يعني التجاوز او القفز على القانون العراقي، ولكن في بعض الاحيان ولحساسية الموقف يصار الى اتخاذ اجراءات تمنح القيادات صلاحيات اوسع من اجل ترسيخ الامن والاستقرار في المدن العراقية». واوضح: «يتم اعتقال المتورطين في الجرائم المشهودة مباشرة من دون انتظار مذكرات اعتقال قانونية، أي ان الذين يشاهدون لدى محاولتهم زرع عبوة ناسفة او بحيازتهم مواد متفجرة يتم اعتقالهم مباشرة على خلفية اوامر القائد الميداني للوحدة او الفرقة العسكرية او الامنية». وتابع ان «هذه الاجراءات تسرّع عملية اعتقال المتورطين بأعمال العنف ومحاكمتهم ما ينعكس ايجاباً على امن البلاد». من جهته ابدى عضو لجنة الامن والدفاع النائب فرياد راوندوزي قلقاً من هذا الاجراء، وطالب بأن يكون هناك التزام قانوني واضح في هذا الشأن. وقال راوندوزي ل «الحياة» ان «تخويل القادة الميدانيين صلاحيات اعتقال المطلوبين من المتورطين بالجريمة المشهودة يجب ان يرافقه التزام قانوني، بمعنى حسم ملف المعتقلين خلال 48 ساعة من الاعتقال من جانب السلطة القضائية». وتابع: «اذا تم ابقاء المعتقل المتورط لاكثر من الفترة المنصوص عليها دستورياً وقانونياً فإن ذلك سيشكل خرقا للقانون العراقي من جانب الجهات الامنية، وبالتالي ستنطلق المطالبات بتحجيم صلاحيات القادة الميدانيين». ولفت الى ضرورة «التعامل مع هذه الفقرة بجدية وحرص حتى لا يسيس الامر ويفسر بحسب اهواء وامزجة قادة الوحدات الميدانية». الى ذلك أوضح الخبير القانوني طارق حرب ان «تخويل القادة الميدانيين اعتقال المتورطين بجرائم مشهودة معمول به في كل البلدان» واضاف في تصريح الى «الحياة» ان «اعتقال عناصر الجريمة المشهودة اطلاقا لا يحتاج الى مذكرات قضائية تفيد باعتقال المطلوب كون الصلاحيات تمنح لتثبيت دعائم الامن والاستقرار وليس العكس» واضاف ان «هذه الصلاحيات يجب ان لا تخرج عن القيود القانونية والدستورية، اي تطبق وفق فقرات القوانين العراقية». الى ذلك اكد مصدر في مجلس القضاء الاعلى ان «الصلاحيات الممنوحة للقادة الميدانيين لا تعني تجاوز السلطات القانونية». واوضح المصدر في اتصال مع «الحياة» مشترطاً عدم كشف هويته ان «اعتقال المتورطين بجرائم مشهودة يحتاج حتماً الى مذكرة اعتقال ولكن تحريك تلك المذكرة يأتي بعد التأكد من صحة المعلومات الواردة ازاء المتورط فعلاً بجرائم ارهابية، ومن ثم يتم المصادقة على اجراءات القائد الامني في الاعتقال الى جانب استصدار مذكرة اعتقال عاجلة لاحالة المتورطين الى الجهات القانونية ومحاكمتهم وفق فقرات القانون العراقي». من جهته أوضح مصدر امني عراقي آليات الاعتقال الجديدة بالقول انها «ستعتمد موافقة مبدئية من قاضي التحقيق المرتبط بالوحدة العسكرية او الامنية على ان يتم اصدار الاوامر القضائية قبل استقدام المعتقل الى سجن الوحدة». لكن القيادي في «جبهة التوافق» عبدالكريم السامرائي لم يكن على ما يبدو مطلعاً على القرار، ولذلك نفى «بشكل قاطع» ان تتخذ القوات الامنية العراقية مثل هذا الاجراء. لكنه اكد في المقابل ل «الحياة» ان «ما كان يحدث في السابق من اعتقالات من دون اوامر قضائية كان تصرفات فردية من قادة ميدانيين ولم يكن عملية منهجية» مشيراً الى ان «لجنة الامن والدفاع في البرلمان تتابع هذه الخروقات». ولفت الى انه «تم أول من أمس اعتقال اشخاص من دون مذكرات قضائية وتدخلت شخصيا لدى قيادة عمليات بغداد لاطلاق سراحهم». وزاد ان «ما يحدث من خروقات امر طبيعي، وكان يحدث إبان وجود القوات الاميركية التي لم تكن تستعين بمذكرات قضائية للاعتقال».