بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على اطلاق رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مشروع المصالحة الوطنية ترى بعض الاطراف ان المشروع لم يحقق كل الأهداف المطلوبة منه، او انه نجح في مناطق واخفق في مناطق اخرى، لاسباب تعود الى الصراعات السياسية الداخلية بين الاحزاب والتدخلات الاقليمية في شؤون العراق. وذكر حسين القاضي رئيس مركز الاعلام الوطني للعشائر، وهو احدى منظمات المجتمع المدني التي تشرف على ملف المصالحة الوطنية في البلاد، ل «الحياة» ان «المصالحة الوطنية نجحت في مناطق واخفقت في مناطق اخرى بسبب التدخلات الاقليمية والصراعات السياسية التي ألقت بظلالها على هذا الملف المهم». واوضح ان «النجاحات التي حققتها المصالحة الوطنية في العديد من المدن مثل بغداد والانبار والموصل رهن بالصراعات الاقليمية والداخلية، ومنها تدخل دول الجوار والصراع الايراني الاميركي»، لافتا الى ان «كل هذه الصراعات قد تسهم في عرقلة مشروع المصالحة الوطنية في العراق». وتابع ان «بعض الاحزاب يحاول فرض اجندات خاصة للضغط باتجاه عرقلة المصالحة في مناطق محددة من البلاد بين الحين والآخر، فضلا عن بعض التدخلات الخارجية التي تعد من اهم عوائق المصالحة الوطنية في البلاد». ولفت القاضي الى ان «المصالحة الوطنية حققت نتائج ايجابية في بغداد وساهمت في استقرار ملفها الامني بعدما تحول بعض مناطقها الى مناطق محرمة يصعب الوصول اليها»، مشيرا الى ان «بغداد والانبار والموصل هي من اكثر المناطق التي اسهم مشروع المصالحة الوطنية في استقرار امنها». وقال نائب رئيس ديوان الوقف السني والعضو السابق في هيئة المصالحة الوطنية المنحلة الشيخ محمود الصميدعي ان «المصالحة الحقيقية تتطلب تجاوب جميع الاطراف السياسية في البلاد وادراكها ان مصلحة العراق تكمن في المصالحة». ولفت في اتصال مع «الحياة» الى ان «هيئة المصالحة السابقة كانت شكلية لم تستطع ان تتحرك في فضاء من الحرية، ولم تستطع ان تحقق النتائج المطلوبة منها على رغم نجاحها في عقد 4 مؤتمرات للمصالحة الوطنية». وشدد «على ضرورة تفعيل قضية المصالحة الوطنية بشكل يخدم العراق والعراقيين ويحقق السلام والاستقرار الدائمين في البلاد». وكان رئيس الوزراء العراقي اطلق مشروع المصالحة الوطنية في حزيران (يونيو) عام 2006 واعلن حينها ان المشروع مفتوح امام الجميع باستثناء الصداميين والتكفييرين الذين لطخت ايديهم بدماء العراقيين. وشكل المالكي لهذا الغرض هيئة عليا للمصالحة الوطنية تضم 15 عضوا من داخل البرلمان وخارجه. لكن الهيئة اخفقت في تحقيق النتائج المطلوبة للمشروع بعد مرور اكثر من عامين على تشكيلها على رغم عقدها 4 مؤتمرات: اثنان منها للكيانات والقوى السياسة ومؤتمر للعشائر وآخر لضباط الجيش العراقي السابق. وعاد مجلس الوزراء ليعلن حل هيئة المصالحة وتشكيل لجنة تشرف على المصالحة الوطنية وترتبط بمجلس الوزراء في بداية شباط (فبراير) الماضي. لكن الازمة الحقيقية في مشروع المصالحة، حسب مصادر مقربة من الحكومة العراقية، تتعلق بالاجابة عن سؤال «المصالحة مع من؟» وهنا يقع المشروع في ازمة تعريف «البعثيين» و «الصداميين» ثم تعريف مصطلح «من تلطخت ايديهم بدماء العراقيين» ومن ثم مصطلح «أزلام النظام السابق». ويقول الباحث السياسي ياسين البكري ان ازمة المصطلحات تلك ما زالت قائمة بعد 6 سنوات من التغيير السياسي، ملفتاً الى ان البدء الفعلي في مشروع المصالحة يحتاج اولا الى ايجاد تعريفات دستورية للمصطلحات التي تتعلق بالاطراف المستثناة من ملف المصالحة.