عادة ما ترتدي الفتيات في اليمن العباءة السوداء للخروج، يكملها غطاء ونقاب من اللون ذاته في الغالب. ومن المألوف عندما تدخل جامعة أو مؤسسة حكومية أو حتى سوقاً أو مسجداً للصلاة، أن تشاهد عيناك السواد في كل مكان، غير أن الشتاء اعتاد أن يكسر سيد الألوان ونجح في ذلك بامتياز. فالنساء، وبخاصة الشابات الجامعيات أو موظفات القطاعين العام والخاص، ابتدعن أسلوباً جديداً لمقاومة برد الشتاء، إلا وهو ارتداء القمصان الصوفية والقطنية فوق العباءة، ليخوض اللون الأسود تحدياً جديداً، بعد أن واجه في السنوات الخمس الأخيرة تحدي ألوان دخلت في تصميم العباءات السود كمزركشات وأقمشة مضافة. ولا يخلو الطريق في الصباحات الشتوية بخاصة، من طالبات وموظفات يرتدين الفانيلات الصوفية والقطنية فوق عباءاتهن السود بألوان زاهية منها الوردي والأزرق والأبيض، من دون أن تنفر عين المشاهد من الشكل الجديد والذي لا يزال خاصاً بالشتاء فقط. فالنساء نجحن في خلق حال من القبول المجتمعي لهذا الشكل المختلف، وهنّ بذلك قاومن المألوف بدعوى مقاومة البرد، وأن كنّ في باطن الأمر يبحثن عن أناقة يطمحن إليها وتحرمهن منها العادات والتقاليد التي تربين عليها. وتقول هيام، وهي طالبة جامعية منقبة: «أتّقي البرد بلبس بلوزة صوفية تحت العباءة، لكن ما أرتديه عليها من باب الأناقة، والظهور بمظهر غير الأسود، كما أني في حال سطعت الشمس خلال اليوم أستطيع ببساطه حمل الجاكت أو الفانلة في يدي». هيام وصديقاتها قصدن الأسواق قبل مجيء الشتاء استعداداً لهذه «الأناقة» و «الموضة» الشتوية، واشترين سترات عدة يمكن لبسها والسير بها في الشارع من دون أن يتلقين أي تعليق جارح... فالجميع صار يلبس ذلك. وتضيف: «أحرص على انتقاء الفانلات المفتوحة من الأمام والتي يمكن إغلاقها بسحّاب، لكني بالتأكيد لا أغلقه، كما أني انتقي الخالية من الكتابة أو تلك التي يكون فيها أكثر من لون، حتى لا يبدو مظهري لافتاً وأنا أسير بها في الشارع». والموضة التي تبدو الفتاة مقبولة بها وهي تسير في الشوارع أو ترتاد الأماكن والمواصلات العامة، وحدها أو بصحبة الأهل، تتحول الى مرفوضة في الصيف، وقد تعرض متبعتها لتعليقات جارحة. وما يزيد من إقبال الفتيات على هذا الشكل المختلف في اللبس هو ما توفره البسطات في الشوارع من خيارات متعددة لفانلات صوفية وقطنية بألوان مقبولة وبأسعار تناسب مختلف الطبقات، ناهيك بما تقدمه الأسواق من خيارات عديدة لملابس الشتاء للنساء. وعلى رغم انتشار هذا الشكل المختلف بين الفتيات، إلا أنه يوجد من يرفضه من النساء أيضاً، وتقول هند وهي أم لأربع فتيات يدرسن في مراحل دراسية مختلفة: «من تريد أن تدفأ من البرد تلبس تحت العباءة ملابس ثقيلة، لكن البنات يفصّلن عباءات ضيقة، بخاصة في الأيدي، تصعب عليهن لبس شيء تحتها، لذا يلبسنه من خارج». ولا تعارض هيام هذا التبرير، لكنها تقول: «الموضة هي الأكمام الضيقة للعباءة، وبالفعل لا نستطيع ارتداء ملابس ثقيلة تحتها ولا ضرر من لبس فانلة صوفية أو جاكت فوق العباءة، ما دام لونها غير لافت وشكلها محترم». وأخيراً توجه العديد من المحلات التجارية التي تبيع الأحذية والحقائب النسائية إلى توفير هذه البضائع بألوان كانت وحتى وقت قريب، غير مرغوب فيها، لكنها أصبحت اليوم مقصد شراء من مختلف شرائح المجتمع، بعد أن كانت الكثيرات لا يرتدين إلا الأسود والبني. (الصور من رويترز)