القبض على (8) إثيوبيين لتهريبهم (306) كجم قات    أمير المدينة المنورة يزور بينالي الفنون الإسلامية 2025    وكيل إمارة جازان للشؤون الأمنية يطلع على معرض " مدرك " للتوعية بأضرار المخدرات    وزير خارجية مصر يحذر من مخاطر التصعيد في جنوب لبنان    حكاية كلمة: ثلاثون حكاية يومية طوال شهر رمضان المبارك كلمة – القوبع    أبرز العادات الرمضانية في بعض الدول العربية والإسلامية.. دولة ماليزيا    من الصحابة… الحصين بن سلام رضي الله عنه    الاتفاق يعود للعمل بعد نهاية الإجازة    رسميًا.. «الفرج» قدساوي    رئيس الحكومة المغربية يصل المدينة المنورة    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يحافظ على الاستدامة المطبقة قبل 271 عامًا في مسجد الحصن الأسفل    20 مؤذنًا يرفعون صوت الحق في المسجد النبوي    مختص ل «الرياض»: متلازمة البط تظهر بين طلاب الجامعات والأفراد ذوي الإنجازات العالية    منتجع كامالايا يكشف عن "مُنشأة العلاجات الإدراكية"    الشاب عبدالرحمن بن خالد آل قعصوم في ذمة الله    رئيس الوزراء بجمهورية باكستان الإسلامية يُغادر جدة    الداخلية : ضبط (25150) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    المركزي الروسي يخفض سعر صرف الروبل أمام العملات الرئيسة    الأرصاد: أمطار غزيرة وسيول على عدة مناطق بالمملكة    كي لا يُصلب التاريخ من جديد    حينما تُصنَع المروءة من وهم الذات    رجال الأمن السد المنيع لمواجهة المخدرات    مأساة وفاة هاكمان وسرقة الحياة ببطء    تتويج نادي النجم الأزرق ببطولة المملكة لأندية الدرجة الرابعة    اختراق مكتبة الفنان الراحل طلال مداح على youtube    ناشئات الأخضر للطائرة يواصلن الاستعداد للبطولة الآسيوية    الاتحاد يواصل تدريباته خلال فترة التوقف استعداداً لمواجهة الشباب والأهلي    صلاح يقود مصر للفوز 2-0 على إثيوبيا بتصفيات كأس العالم    بريطانيا تجمد 32 مليار دولار من الأصول الروسية    ختام مثير لنهائي البطولة الرمضانية لمجتمع رياض سيتي بتتويج فريق الأبيض    أمانة الرياض تطرح فرصًا استثمارية لعام 2025    استكمال الطريق الدائري الثاني (الضلع الغربي) في مكة    أنتم سبب تأخر المحافظة.. قال لي!    غوتيريش: التوسع المستمر للمستوطنات الإسرائيلية يغيّر معالم الضفة الغربية    وزير السياحة يزور جدة ويتجول في معالمها السياحية    لائحة تهديفية تمنح مهاجم الهلال الأفضلية على فينيسيوس جونيور    جهود أمنية في العشر الأواخر    إطلاق هاتفيّ Phone 3a و3a Pro من Nothing في الشرق الأوسط تزامناً مع حلول عيد الفطر        جمعية رواد للعمل التطوعي ممثلة بفريق "صناع التميز التطوعي" تشارك في الإفطار الجماعي بمحافظة بيش    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجمع بين معايير البناء قديمًا وحديثًا في تجديد مسجد القلعة    الخطوط السعودية تلغي رحلاتها من وإلى لندن حتى إشعار آخر    تدشين أول تطبيق لتوثيق ملكية العقارات البلدية رقميًا في الشرقية    تكريم الفائزين في ختام مسابقتي "رتل " و"بلال" بالأحساء    وقاء عسير ينظم "مسامرة رمضانية" ضمن مبادرة اجاويد3    مستشفى النعيرية يعزز الصحة في رمضان بحملة "صم بصحة"    محافظ الرس يرعى "رمضانيات" لنادي الرس الرياضي لذوي الإعاقة    الذكاء الاصطناعي والحرب النووية: هل يمكن أن يصبح القرار بيد الآلة    «الصحة» تقيم النسخة الخامسة من «امش 30» في المسار الرياضي    ثماني سنوات من الطموح والإنجاز ذكرى البيعة لولي العهد محمد بن سلمان    نائب وزير التجارة تشكر القيادة بمناسبة تمديد خدمتها بالمرتبة الممتازة    سمو ⁧‫ولي العهد‬⁩ يستقبل أصحاب السمو أمراء المناطق بمناسبة اجتماعهم السنوي الثاني والثلاثين    السعودية تدين استهداف موكب الرئيس الصومالي    بعد اتصالات ترامب مع زيلينسكي وبوتين.. العالم يترقب النتائج.. محادثات أمريكية – روسية بالسعودية لإنهاء الحرب في أوكرانيا    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وصول التوأم الطفيلي المصري إلى الرياض    ‏⁧‫#نائب_أمير_منطقة_جازان‬⁩ يستقبل مدير فرع هيئة حقوق الإنسان بجازان المعيَّن حديثًا    "الحياة الفطرية": لا صحة لإطلاق ذئاب عربية في شقراء    دعوات ومقاعد خاصة لمصابي الحد الجنوبي في أجاويد 3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السوريون وأسئلة المبادرة العربية اليوم
نشر في الحياة يوم 05 - 01 - 2012

عبارات التشكيك المفعمة بمشاعر القلق والأسى والتوجس هي ما تسمعه من غالبية السوريين في حديثهم عن المبادرة العربية وعن بعثة المراقبين التي بدأت تجوب بعض المدن للتحقق من التنفيذ...
تشكيك البعض بجدية الجامعة العربية وصدقيتها، يصل أحياناً إلى حد الطعن بأهليتها واتهامها بالتواطؤ مع النظام، ودليلهم ميوعة سياساتها ومرونتها الكبيرة في التعاطي مع الحالة السورية، بدءاً بتأخرها في اتخاذ موقف حازم، ثم تباطؤها وتكرار منح المهل بذريعة الطمع في كسب موافقة النظام، الذي استغلها على أفضل وجه كي يطلق يده قمعاً وتنكيلاً، واستدراكاً الطعن بأهلية رئيس بعثة المراقبين وأنه مدان بانحيازه الى هذا النوع من الأنظمة الاستبدادية كما كان انحيازه الى نظام عمر البشير وإرتكاباته، زادت الطين بلة تصريحاته المتعجلة عن أوضاع مطمئنة في سورية وعن تعاون جيد من السلطات لتسهيل عمل البعثة، وكأنه يتقصد تغطية استمرار قمع الاحتجاجات وإطلاق الرصاص على المتظاهرين والتحايل على سحب الآليات العسكرية والقوى الأمنية من شوارع المدن والبلدات المحاصرة، أو تمرير تغافل النظام في إطلاق المعتقلين والسماح لوسائل الإعلام بالوجود ونقل الأحداث بحرّية!
والتشكيك أيضاً، في حال افترضنا النيات الصادقة، بقدرة الجامعة العربية في إجبار السلطات السورية على الإيفاء بالتزاماتها، في إشارة إلى عجز ناجم عن خصوصية قرارات هذه المؤسسة العربية، التي تصنعها إرادات رسمية لن ترقى برأي المشككين إلى القطع مع النظام الحاكم والانحياز التام الى مطالب السوريين، وربما في إشارة إلى تفهّم أن ما تقوم به الجامعة العربية هو تجربتها الأولى على صعيد مهمة التدخل الإنساني وحماية المدنيين ولا تملك الخبرة والآليات المناسبة لتحقيق هذا الهدف بصورة ناجحة.
ثم تشكيك آخرين بصدقية السلطات السورية في تنفيذ المبادرة وهي التي أُكرهت على قبولها ولا تملك لإدارة أزمتها غير خيارها الأمني، وأنه لولا جديد موقف موسكو ومشروعها المفاجئ في مجلس الأمن والذي فسر كتحذير للنظام بأن ليس ثمة فيتو روسي بعد الآن، ولولا قرار مجلس الجامعة العربية وتهديده بإحالة الملف السوري إلى التدويل، لما كان ثمة جديد في موقف النظام السوري من المبادرة العربية، ولما شهدنا سرعة في التوقيع على البروتوكول القاضي بإرسال بعثة مراقبين! ما يعني أن إظهار الرضوخ والقبول بالمبادرة ليس أكثر من محاولة لشراء الوقت كي تتوغل السلطات أكثر في القمع بدليل الحملات الأمنية المتواترة في غير مدينة ومنطقة بعد وصول طلائع المراقبين العرب، والرهان على خبرتها في تمييع هذه المبادرة وإفراغها من محتواها، كإشغال فريق المراقبين بالتفسيرات الصغيرة وإغراقهم في التفاصيل بغية احتواء مهمتهم وتعطيل دورهم.
وأول الغيث في لعبة التفاصيل كان التمييز بين مشروع المبادرة والبروتوكول، وأن التوقيع على هذا لا يعني الموافقة على تلك، ما يسمح للسلطات السورية بالمناورة والاكتفاء بالسماح لبعض المراقبين في التجوال، من دون اشتراط البدء بتنفيذ بنود المبادرة وحزمة الإجراءات المطلوبة، كوقف العنف فوراً وسحب الآليات العسكرية وإطلاق المعتقلين والسماح بدخول الإعلام وبالاحتجاجات السلمية. ومن هنا سيحاول النظام كعادته الالتفاف على المبادرة واستخدامها كستار للذهاب أبعد في الحسم الأمني، وقد بدأ بالفعل سلسلة من الإجراءات لربح هذه الجولة منها تخويف أعضاء البعثة من الحركة من دون حماية رسمية، ثم تبديل أشكال الحضور العسكري في المناطق الساخنة، كتغيير لباس الجنود وطلي بعض الآليات بلون مغاير للادعاء أنها جزء من قوات حفظ النظام وإخفاء بعضها الآخر في ساحات المؤسسات الرسمية، ومنها نقل ألوف المعتقلين إلى مواقع يحظر الدخول إليها لدواعٍ أمنية، كالثكنات العسكرية وغيرها، فضلاً عن توجيه حركة البعثة نحو أماكن آمنة لإقناعها بعدم وجود اضطرابات، والتشويش على عملها بزج عشرات المؤيدين للتحدث باسم الناس عن استقرار الأوضاع وعن وجود مسلحين وعصابات تعيث قتلاً وتدميراً!
في المقابل لا تخلو الساحة من آراء تنظر بإيجابية إلى المبادرة العربية، مرة، لأن انتشار المراقبين يفقد النظام حرية الحركة ويكبل يديه نسبياً في قمع المدنيين، ويشجع الناس وبخاصة المترددين منهم على التظاهر وتوسيع هامش حركتهم واحتجاجاتهم، ومرة لأن جولات المراقبين وتواصلهم مع الأهالي والمتضررين تسرع نسف الرواية الرسمية عن المؤامرة والعصابات المسلحة، وهو ما دشنته تصريحات بعضهم عن رؤية قناصة على أسطح المنازل، وشهاداتهم بإطلاق النار في غير مكان على المدنيين العزّل ونفي وجود مسلحين بين المتظاهرين!
ومرة ثالثة، لدور يلعبه هؤلاء المراقبون مع انتشارهم في المناطق الساخنة في تعزيز الوجه السلمي للانتفاضة السورية ودعم وسائلها المدنية وخطة الإضراب العام، وتجنيبها تالياً خطر الانزلاق نحو العسكرة، بخاصة وقد كثرت الأصوات التي تعلن إفلاس النزعة السلمية واستحالة إسقاط السلطة بغير القوة والعنف، ربما بسبب تواتر الانشقاقات العسكرية، أو لجوء بعض الجماعات الأهلية إلى السلاح لحماية أنفسهم، والأهم بسبب ضعف وتباطؤ ردود الأفعال الخارجية المساندة، بما في ذلك دور الجامعة العربية!
ومرة، لأن ثمة من يعتبر الفشل في امتحان التعريب، هو المعبر الناجع نحو التدويل وتسهيل الحصول على قرار أممي بشأن سورية، وأن التقدم بمبادرة عربية كمشروع إلى مجلس الأمن، بعد أن سد النظام المنافذ أمامها، هو أقوى بكثير وأكثر إحراجاً للدول الرافضة من مشاريع تقدمها دول أوروبية، ومع اعتراف أصحاب هذا الرأي بأن الممر العربي هو ممر إجباري وأقل ضرراً إن نجح في معالجة الحالة السورية والوصول إلى نتائج ترضي طموحات الناس، يعولون على النظام وإصراره الأعمى على الحسم الأمني، في إفشال الدور العربي وفتح الباب على احتمال التدويل. والنتيجة، إذ يعني قبول النظام بالمبادرة العربية إعلان هزيمة لمشروعه الأمني وبرهاناً، في عيون مؤيديه، على عجزه وأنه ليس كلي القدرة، فهو تشديد على نجاح الانتفاضة ورسوخ أقدامها، وعلى أن تضحياتها الغالية لم تذهب هدراً، وأن الزمن الذي صار يصب في مصلحتها، كفيل بالإجابة عن السؤال: هل يتمكن البيت العربي من تخفيف آلام المرحلة الانتقالية ووضع بلادنا على سكة التغيير الديموقراطي، أم يغدو فشله فرصة لوضع قضية التدويل على صفيح ساخن!
* كاتب سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.