المراجع للجهاز الحكومي ضيف ثقيل، هذه حقيقة واقعة، فكيف إذا راجع في الطريق، كأن يهتبل فرصة رؤية مسؤول ماشٍ خارج أسوار المكاتب ليعرض حاجته. استغرب البعض الرد الجاف لوزير الزراعة على مزارع اشتكى ضعف الحال في مقابل نقص حاجات، كان رد الوزير «رح اشتر»! بصراحة، أسلوب الموظف الحكومي لا يخرج عن هذا في العادة، لذلك لا بد أن «يتدحلس» المراجع. «الذرابه» هنا مهمة، كان أحد المراجعين يتسلح بمجموعة من النكات، بعد السلام ينثرها على الموظفين، كاسراً حاجز كرسي الوظيفة بفتح باب الضحكات، شيئاً فشيئاً دخل معهم في «قطة» الفطور، لم يعد مجبراً على الوقوف في الطابور، لاحقاً اكتفى باستخدام الهاتف مع تحديث مستمر للنكات. أمام المراجع، لماذا يبدو الموظف الحكومي مستفزاً مثل حارس مرمى كرة قدم يواجه انفراداً؟ الواقع أن الموظف الحكومي لا يدرب على كيفية التعامل مع المراجعين، فيضطر إلى الاستفادة من تجربة من سبقه متطبعاً بطباعهم، وهو مجبر بحكم «الدوام» على «المكوث» في موقعه، في حين تعود عدم وضع الرحال إلا في استراحة أو مقهى. الموظف الحكومي وقت الدوام بحاجة إلى تسلية، يبرع في استثمارها أصحاب الذكاء الاجتماعي لإنجاز أعمالهم، إذا كان مديره جيداً ربما يزوده بملفات الأرشيف ليتعلم نسخ الخطابات، يتوقف التدريب عند هذا الحد، حد التعامل مع الورق لا البشر، وحينما يتجول في أقسام الإدارات المختلفة ليتعرف الى طبيعة العمل لا يتعرف سوى على الموظفين. يعتقد الموظف الحكومي أنه حارس لموقع مهدد، احتله بالواسطة أو الصدفة، يمنع ويمنح، وهو يؤمن بأن إرضاء الناس غاية لا تدرك! إذاً من باب أولى يعمل على إرضاء من يعرفهم أو يحتاجهم في يوم ما، يؤمن أيضاً بأن العمل لا ينتهي وحاجات الناس لن تنتهي، لذا يستند كثيراً إلى الإرجاء أو الزحلقة. «وش عندك»!؟ هو السؤال الشائع الذي يطرحه الموظف على المراجع، يأتي غالباً بنبرة « نازرة»، فارزة، متشبعة بالاستياء من قطع حبل التفكير في «الفركة». وكأن المراجع دخل بالخطأ عليه في منزله. معظمنا طرح عليهم مثل هذا السؤال كثيراً، يكون الرد «سلامتك»، إشارة إلى الاستسلام ورفع الراية البيضاء، ثم يأتي المراجع بما «عنده»، مبتدئاً بما يشبه التوسل، وحسب «كرم» الموظف تكون الإجابة فهو صاحب اليد العليا، أليس هو المانح لمن... لا يعرفه؟ من هنا كان ولا بد أن «تعرف أحداً». www.asuwayed.com