شهدت الأوبرا السلطانية مساء أمس، أول عروض الملحمة الأوبرالية «كارمن»، لجورج بيزيه، في عرض أعد خصيصاً لدار الأوبرا في مسقط التي افتتحت قبل أسابيع واعتبرت أكبر حدث ثقافي في عُمان، وتتواصل العروض اليوم وغداً. وأشار الرئيس التنفيذي للأوبرا السلطانية، بريت إيجان، أن دار الأوبرا التي لا تسعى إلى استقطاب النجوم والعروض العالمية فحسب، بل ستنتج أيضاً عروضاً عالمية لتبرز مكانتها كواحدة من أرقى الدور في العالم. وفي مؤتمر صحافي عقد في مسقط، تحدث مصمم الديكور المسرحي، الحائز جائزة أوسكار، جياني كواراناتا الذي اختير مخرجاً ومصمّماً للمناظر والملابس في عرض «كارمن»، متمنياً أن يرى الجميع سلطنةً عربية لم يمنعها ولاؤها لتراثها القديم من الانفتاح على العالم، لافتاً إلى أن الصحف الإيطالية تصنف الأوبرا السلطانية في مسقط من ضمن دور الأوبرا العشر الأهم في العالم. واعتبر مدير دار أوبرا روما، أليسيو فلاد، أن تقديم «كارمن» في مسقط يعدّ الرباط المثالي بين أرواح أشخاص من ثقافات وعادات مختلفة، مضيفاً أن «كارمن» بالتحديد تتناول تيمة الحرية في شكل خاص، وأنها، في هذه المرة، «ستكون رمزاً لرحلة مثالية عبر المحيطات والعوالم للوصول إلى وجهتها العُمانية وإلى هذا المكان الساحر». وعبرّ قائد الأوركسترا الفرنسي، باتريك فورنيلبيه، عن إيمانه بفلسفة مشاركة التراث الثقافي، معرباً عن أمله بأن يهتم الشعب العُماني بهذا الفن الجديد على المنطقة. وقال إن هدفه هو إتاحة الفرصة لكل فرد من الجمهور العودة إلى منزله، وروحه ممتلئة بتلك الأحاسيس الفنية الجديدة، مشيراً إلى تلقي الجمهور الفرنسي لهذه الملحمة، قبل مئة عام، بالكثير من الحماسة ل «كارمن» التي تجرأت وأصرّت على استقلاليتها الشخصية. وتدور أحداث «كارمن» حول امرأة غجرية، ذات مزاج متقلب، تُسقط الرجال في حبائلها معتمدةً على جمالها المبهر. تعمل في مصنع سجائر في إشبيلية، وعلى رغم تعاونها مع عصابة، إلا أن الضابط خوزيه يقع في غرامها، لكنها تصاب بالملل من هذا الحب لا سيما بعد ظهور مصارع الثيران اسكامليو على مسرح حياتها، فلا تجد حرجاً في مصارحة الضابط بمشاعرها، وتستمر الحكاية بمزيج من التمرد والرومانسية. تجدر الإشارة إلى أن الأوبرا السلطانية قدمت مجموعة من الأعمال الفنية، خلال موسمها الحالي، من بينها حفلة غنائية للفنانة ماجدة الرومي، وعروض أوبرالية عالمية تجسد مكانة هذا الصرح الثقافي الذي تجاوزت كلفة إنشائه 260 مليون دولار. مهرجان المسرح وفي سياق النشاط الثقافي العُماني أيضاً، أعلنت وزارة التراث والثقافة أسماء الفرق المتأهلة للمشاركة في مهرجان المسرح العُماني الرابع، الذي سينطلق الإثنين ويستمر حتى 28 الشهر الجاري. واختارت اللجنة الفنية ثماني فرق مسرحية، بعد مشاهدة «بروفات» العروض لنصوص تأهلت إلى الدور الأخير وهي: «الكهف» لفرقة الفن الحديث، و «الخوص والزور» لفرقة مزون، و «صباح الخير» لفرقة صلالة، و «البيت الكبير» لفرقة الصحوة، و «العرس الوحشي» لفرقة الرستاق، و «البير» لفرقة الدن للثقافة والفن، و «الرزحة» لفرقة مسقط الحر، و «ما حدث بعد ذلك» لفرقة الشرق. وشدد وكيل الشؤون الثقافية، حمد بن هلال المعمري، على أهمية التواصل المسرحي، شاكراً لجنة المشاهدة التي قصدت صلالة ونزوى والرستاق ومناطق أخرى لمشاهدة الأعمال المتقدمة للمنافسة. وأشار المعمري إلى أن المهرجان «يستقطب ضيوفاً من خارج السلطنة، لهم باع طويل، مثل مصطفى حشيش وسليم عياد من سورية الذي سيدير حلقة عمل مسرحية، تختار الفرق من بين أعضائها من تراه مناسباً للمشاركة فيها، إضافة إلى إبراهيم بن نوال من الجزائر، كضيف شرف، وأحمد أبورحيمة من الإمارات، وكاملة العياد من الكويت، ومحمد صبحي من مصر، والناقدين أنور محمد من سورية وسيد إسماعيل من مصر». وستعقد، على هامش المهرجان، حلقات عمل حول «الطرائق الحديثة في الإخراج المسرحي»، في النادي الثقافي، لثلاثة أيام، يقدمها عميد المعهد العالي للفنون المسرحية في سورية عجاج سليم، إلى جانب حلقة أخرى بعنوان «الطرائق الحديثة في التمثيل»، وفي الحلقتين، يشارك أعضاء فرق أهلية. كما تعقد مؤتمرات صحافية للضيوف وجلسات نقدية بعد كل عرض. وأعلن، من بين فعاليات المهرجان، تكريم خمسة مسرحيين عمانيين، إضافة إلى مصطفى حشيش الذي ساهم في تأسيس المسرح العماني، والمكرّمون هم: سميرة الوهيبية، علي عوض البوسعيدي، خليفة عثمان الرئيسي، والراحل جمعة الخصيبي، ومحمد بن عبدالله المرضوف. علماً أن بعض الفنانين الروّاد احتجوا على آلية اختيار المكرّمين، التي اعتبروا أنها تجاوزت تجاربهم، في حين أتى الرد «ضعيفاً» وفق رأي مراقبين، إذ قال نائب رئيس اللجنة إنه «لا توجد عدالة مطلقة»، فيما لم توضح اللجنة المعايير التي اختير على أساسها المكرمون على رغم مطالبة حضور المؤتمر الصحافي بمعرفتها. يذكر أن المهرجان انطلق العام 2004، ويقام مرة كل سنتين، ويدعى إليه العديد من المسرحيين والنقاد العرب.