حاولت أن أضع نفسي مكانه، وحاولت التفكير بهدوء لاختيار رد فعل يتناسب مع الموقف، فلم أرضَ إلا بما قام بفعله فعلاً أو ترك الفرح المفترض وطلاق العروس، وهو حل بديل قد ينهي حياة زوجية لم تبدأ بعد. ما القصة التي غزت الصحف الالكترونية والمنتديات؟... هي قصة أم كويتية من ذوي الاحتياجات الخاصة قامت تعبر عن سعادتها بزفاف ولدها وانفعلت مع الطبل والزمر فسقطت أرضاً، فقام العريس على الفور بمساعدتها على النهوض وقام بتقبيل يديها وقدميها وتوقع أن تقوم عروسه بفعل ما فعله، لكنه فوجئ بالعروس تضحك وتقهقه بصوت عالٍ على سقوط والدة عريسها، فلم يتمالك نفسه عندما رآها تتصرف كأنها شخص غريب عنه لا يحزنها ما يحزنه ولا يسعدها ما يسعده، فقام بصفعها على وجهها أمام المدعوات. الجميل في الموضوع أن أم العريس وأم العروس حاولتا جاهدتين احتواء الموقف وترطيبه وتجاوزه، حتى لا يتسبب في ألمٍ للعروسين بإنهاء حياتهما الزوجية قبل أن تبدأ. لاقى الخبر تعليقات عديدة وغريبة، وأكثرها غرابة كانت من النساء مثل «كان يمكن أن يتجاهل موقف عروسه من سقوط والدته ومعاتبتها فيما بعد حتى لا يفسد فرحتهما بالعرس!»، «عنف ذكوري موجه!»، «وجد فرصة لإثبات رجولته من أول يوم!» وغيرها التي لا تخرج عن هذا السياق. الحقيقة احترت جداً بعد قراءتي للخبر وتعليقات الخبر، بعض الرجال وجدوا أن الحل الأمثل هو طلاقها علانية أمام المدعوات، والبعض رأى أن ينسحب من الفرح مصطحباً والدته تاركاً إياها لا تعلم أي جزاء سينالها، والبعض اقترح انتظار سقوط والدتها أو إسقاطها والضحك عليها، والبعض اقترح أن يمرر الليلة على خير ثم يتزوج عليها إحدى قريباته حتى تتأدب. ما لمسته وما تخيلته أن الموقف كان فجائياً، وهو رد فعل طبيعي من شخص طبيعي ثأر لأم سعيدة به وسعيدة بزواجه، وتفاجأ أن أقرب البشر لا تقدر سقوط الأم ولم تتفاعل التفاعل الطبيعي الذي يصدر من إنسان طبيعي تجاه سقوط (امرأة)، خصوصاً لو كانت تعاني من إعاقة لم تترك لها الفرصة لتعبر عن سعادتها، فعوضاً ان تقوم بإسكات كل إنسانة أضحكها الموقف احتراماً للأم واحتراماً للزوج شاركت وضحكت ولم تبالي بمشاعره ولا بمشاعرها. أنا شخصياً ضد العنف وضد الضرب وضد الفضائح وضد ما يؤلم مشاعر مخلوق في هذا الكون، ولكن بعض المواقف تستلزم رد فعل يتناسب معها حتى لو افترضنا انه موقف وضحكة تلقائية لم تقصد بها العروس إيلام الأم أو التقليل من شأنها. الزواج شراكة حقيقية وليست ليلة صاخبة ورومانسية فقط. المواقف تثبت معادن الناس، والأم أثبتت أنها أم حكيمة، فهي التي ساهمت في رأب الصدع الذي حدث في أحلى ليالي العمر المفترضة. [email protected] twitter | @s_almashhady