رئيس بعثة المراقبين العرب في سورية اقترف خطأً جسيماً حينما تحدث للإعلام! ليس من مهمة مراقب في شأن متفجر مثل الأزمة السورية، أن يتحدث، مهما بلغت شهوة الكلام وضغوط المراسلين ورصد مراقبين بثياب سائقين ومرشدين. حديث رئيس البعثة الباعث على الاطمئنان، تحول إلى حكم لمصلحة طرف ضد الآخر. ومن الواضح أن الجامعة لم تكن مستعدة ولا مراقبوها لأمر من هذا النوع ، لوحظ ذلك من حالة «التوهان» وتصوير بأجهزة الجوال، والقصد من نشر المراقبين - بحسب فهمي - تقصي حقائق الأوضاع على الأرض، بين متظاهرين يتهمون السلطات السورية بقتلهم والفتك بهم على رغم سلمية خروجهم إلى الشارع، وسلطات تقول إنها تلاحق مجموعات إرهابية هي من يقتل المدنيين ومنهم المتظاهرون. في هذه الجولة حققت السلطات السورية انتصاراً بعد انتزاعها ذلك التصريح من رئيس مراقبي الجامعة العربية، أو تبرعه به. وفكرة نشر مراقبين مدنيين في أزمة من هذا النوع غير مسبوقة في ظني، لهذا لم يكن مفاجئاً أن الجامعة لم تكن مستعدة، كان الأولى - بديهياً - التشديد على عدم الاتصال بوسائل الإعلام منذ ما قبل وصول دفعات المراقبين، وتعيين متحدث باسمهم في الجامعة أو الإعلان أن أمين الجامعة هو المعني بالحديث عن نشاطهم، ولا يتوقع من المراقبين حسم أي أمر. لذا، يستغرب الهجوم عليهم من الطرفين، مهمتهم تنحصر في نقل الصورة إلى مرجعيتهم، اللجنة الوزارية، والأخيرة ستصدر رأي الجامعة لاحقاً. والواقع يقول إن السلطات السورية فرضت أسلوبها «في الكر والفر الحاصل الآن» على الجامعة العربية، فهي من يشغلها أكثر من الثوار، مع فتيل التدويل، والغرض تحقيق هدف إعلامي وسياسي كبير يتولد عنه أهداف على الأرض. استطاعت دمشق تجيير حضور المراقبين لمصلحة وجهة نظرها المعلنة، ولو موقتاً على الأقل، من هنا تحولت الجامعة إلى أداة لتزويد الحكومة السورية بمساحة زمنية أطول «للتعامل» مع الأزمة... الثورة، وهو ما يتناقض مع لهجة حازمة دشنت الجامعة بها تدخلها في الأزمة السورية، وتكاد الجامعة بأسلوبها المرتجل أن تتحول إلى جزء من المشكلة لا جزء من الحل. فمن عدم وضوح الرؤية لدى الجامعة العربية واللجنة الوزارية أيضاً اختفاء الحديث عن العقوبات الاقتصادية، هل تم تفعيلها وأي من الدول التزم بها، أم إنها بقيت حبراً على ورق الجامعة، وتلاشت. ومع قصور نفس الجامعة ونظام في سورية تعود على طول النفس مهما تصاعد عدد القتلى، يبدو أفق الحل بعيد المنال. www.asuwayed.com