جددت ندوة «التراث الموسيقي والفنون الشعبية»، التي أقيمت ضمن ملتقى المثقفين السعوديين في مركز الملك فهد الثقافي، الجدل حول شرعية الغناء وأهمية الحفاظ عليه، الأمر الذي دار حوله نقاش كبير بين المشاركين في الجلسة ومداخليهم من الحضور. وقال الدكتور سعد الصويان: إن الفنون في الجزيرة العربية تؤكد ما تكتنزه الجزيرة العربية من إرث في مجال الفنون المختلفة، إلى جانب ما يصاحبها من تنوع في الأداء من إقليم إلى آخر في من أقاليم الجزيرة العربية. وصف الصويان في الندوة، التي شارك فيها إلى جانب عبدالرحيم الأحمدي وأحمد الواصل، وقدمها الدكتور محمد آل زلفة، الفنون الشعبية في الجزيرة العربية، في مختلف أشكالها من خلال الغناء والطرب، بأنها «تجسد جماليات فنية»، لافتاً إلى أن الرقص والفنون الأدائية الأخرى، التي تتنوع من مجتمع إلى آخر، يشكل إرثاً كبيراً من جماليات الفنون الشعبية والأخرى الأدائية في موروث الجزيرة العربية الفني. إلى جانب الجماليات التي تبعت ذلك في المساكن والملابس والأواني». وتطرق عبدالرحيم الأحمدي إلى الفنون التي شاعت في الحجاز، متناولاً التنوع في الأداء في الرقص، والأداء الصوتي بين البحر وما جاوره من أقاليم البر عبر الأقاليم الحجازية، مشيراً إلى انعكاس كل ذلك على الأدوات الموسيقية المستخدمة في تأدية الغناء في الحجاز، طارحاً أمثلة على ذلك، مثل الألوان الشعبية كفن الكسرات الينبعاوية وفن الخبيتي. أما أحمد الواصل فتحدث عن مراحل الغناء السعودي، التي قسمها إلى أربع مراحل، الأولى تمثلت في التسجيلات، والثانية في انطلاق الفنانين والإذاعة الرسمية، ثم ومرحلة انتشار الأغنية السعودية، والمرحلة الرابع هي عولمة الغناء العربي. وفي المداخلات، كشفت التشكيلية اعتدال عطيوي أنها وجدت نقوشاً لرسوم أدوات تشبه السمسمية، تعود إلى ما يقارب خمسة آلاف سنة على صخور في منطقة تبوك، إضافة إلى الرقصات الشعبة، مضيفة أن «هذا يثبت أصالة هذه الفنون في المملكة، فضلاً عن تواجد مثل هذه النقوش في نجران وعلى بعض الصخور في جبال القهر في جازان»، مشيرة إلى أهمية دور النساء في تطوير الفن خصوصاً في المنطقة الغربية. وأكدت الكاتبة سهام القحطاني أن العلم والغناء لا يجتمعان في قلب واحد، «ولأن الغناء محرم في رأي أغلبية المجتمع، فعلينا أن نقنع المجتمع بأهمية الغناء قبل أن يتم الحديث حوله في مثل هذه الملتقيات». لكن الشاعرة حليمة مظفر عارضت ما ذهبت إليه القحطاني وقالت: لو كانت هذه الفنون محرمة لما اعتمدت عليها الدولة في جميع مناسباتها الوطنية، ويجب على الجميع المساهمة بخطط إجرائية تقدم للجهات المسؤولة حتى يمكن الحفاظ على الفنون»، مؤكدة أهمية وجود أكاديمية للفنون حتى يمكن الحفاظ عليها من الاندثار. وأكد الدكتور عبدالرحمن الأنصاري أنهم كانوا يدرسون في مصر كتاب «الغناء في مكة والمدينة» لمؤلفه شوقي ضيف، مضيفاً: «لو كان الغناء محرماً لما انتشر في هذين المكانين في عصر التابعين وبوجود عدد كبير من الصحابة». من جانبه، وصف الدكتور محمد خضر عريف اللغة العربية بأنها لغة شاعرة «وشعرها يقوم على الموسيقى، كما أن الأذن العربية موسيقية لا تقبل الاختلال أو الشذوذ، مطالباً بالاهتمام بالتراث الموسيقي «الذي يبدو جديراً بذلك، ولعل إغفال هذا الاهتمام هو الذي ساهم في تغلل الفنون الهابطة وانتشارها، وهذا الأمر منوط بالهيئات الحكومية وعلى رأسها جمعيات الثقافة والفنون».