بدا أن جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر تتحرك على أكثر من جبهة لطمأنة المتخوفين من وصولها إلى الحكم، فبعد رسائل باتجاه المجلس العسكري والغرب ورجال الأعمال والقوى السياسية، جاء الدور على الأقباط، إذ أعلنت الجماعة أنها ستشارك في قداس عيد الميلاد للمرة الأولى في تاريخها. ودعت الجماعة المسيحيين إلى «عدم إعطاء آذانهم لدعاة الفتنة الذين يبغون تمزيق المجتمع الواحد». وطالبت الجيش بحماية الكنائس خلال احتفالات الميلاد خلال الأسبوع الأول من الشهر المقبل «حتى لا تمتد الأيدي الآثمة والأصابع الفاجرة إلى إفساد هذه الاحتفالات». وأعلنت أنها ستشارك في لجان شعبية لهذا الغرض. ومنذ صعود التيار الإسلامي إلى واجهة المشهد اثر سقوط الرئيس المخلوع حسني مبارك في شباط (فبراير) الماضي، شهدت الساحة السياسية في مصر حالة من الاستقطاب أثارت مخاوف على مستقبل التعايش السلمي بين المسلمين والأقباط. ورسخت الانتخابات البرلمانية التي تلتئم مرحلتها الثالثة الأسبوع المقبل «الفرز الطائفي» بين الكتل والتيارات المتنافسة. وتعتري غالبية الأقباط حالاً من الفزع من وصول تيارات متشددة إلى السلطة. ويردد ناشطون أقباط أن مئات المسيحين آثروا الابتعاد عن البلاد في الأشهر الماضية. ودفعت هذه المخاوف جماعة «الإخوان» التي تتصدر نتائج الانتخابات ويتوقع أن تحصل على الغالبية النيابية إلى محاولة تهدئتها، وإن كانت هذه المحاولة تصطدم كثيراً بتصريحات متشددة لقيادات إسلامية، خصوصاً من التيار السلفي الذي حل ثانياً في الانتخابات. كذلك، فإن «الإخوان» أنفسهم يرفضون تولي قبطي رئاسة البلاد. وحرصت الجماعة على عدم ترك مناسبة احتفالات الميلاد من دون استغلالها، إذ قدمت التهنئة في بيان أمس إلى «إخواننا المسيحيين، بل إلى المسلمين أيضاً، لمناسبة مولد السيد المسيح، عليه السلام نبي الرحمة والأخلاق السامية والمثالية الراقية الذي احتفى القرآن الكريم به أيما احتفاء، وجعل الإيمان به من صلب العقيدة الإسلامية». وطالبت المجلس العسكري والشرطة «بحماية الكنائس مثلما حمى اللجان الانتخابية أثناء الانتخابات». وأشارت إلى أنها «ستشكل لجاناً شعبية من الإخوان المسلمين للمشاركة في هذه الحماية، حتى لا تمتد الأيدي الآثمة والأصابع الفاجرة إلى إفساد هذه الاحتفالات، مثلما تكرر مراراً على أيدي النظام الفاسد البائد». وشددت على أن هذه الخطوة «ليست تفضلاً ولا تكلفاً، وإنما هي حقيقة مشاعرنا ومبادئنا ومواقفنا تجاه إخواننا في الوطن والإنسانية، عبر تاريخ بناء نهضة مصر الطويل... ونسعى جاهدين لاستعادة الروح الكريمة التي تجلت خلال ثورة 25 يناير». ودعت الجميع إلى «أن يساعدونا في ذلك، وألا يعطوا آذانهم لدعاة الفتنة الذين يبغونها عوجاً، ويريدون تمزيق المجتمع المصري الواحد». وأعلنت أن وفداً رفيع المستوى برئاسة نائب مرشدها العام الدكتور محمود عزت «سيقوم بواجب التهنئة في هذه المناسبة الجليلة»، تلبية لدعوة من الكنيسة.