قّدمت المغنية الأميركية مادونا قبل 15 سنة، شخصية سيدة الأرجنتين الأولى الراحلة إيفا بيرون، وزوجة الزعيم خوان بيرون، في فيلم حمل عنوان «إيفيتا» أخرجه آلان باركر، وشارك فيه أنطونيو بانديراس في دور الراوي وجوناتان برايس في شخصية خوان بيرون. ونظراً الى أهمية هذه الشخصية، تقدّم فرقة «لا سترادا» الباريسية مسرحية إسمها «إيفا إيفيتا» حول سيرة إيفا بيرون التي كان الشعب الأرجنتيني قد أطلق عليها في حينه إسم «إيفيتا». ويقدَّم العمل على خشبة مسرح «ثيو» في الدائرة الباريسية الخامسة عشرة حتى نهاية آذار (مارس) المقبل، قبل جولة في مدن وعواصم أوروبية. وتتناول المسرحية حياة إيفيتا منذ كانت مغنية وراقصة وممثلة من الدرجة الثالثة، إلى أن نالت قلب وعقل خوان بيرون الذي تزوّجها جاعلاً منها السيدة الأولى من دون أن يدري أنها كانت أذكى مما تخيله، وأنها ستخطف وجدان الشعب الأرجنتيني بسحرها وجاذبيتها، خصوصاً في لباقتها في التحدث إلى الفئات الشعبية، واعدة بممارسة الضغوط اللازمة على زوجها من أجل أن يمنح الطبقة الكادحة أهمية قصوى ويحسن ظروف معيشتها. ويصوِّر العرض كيف استحقت إيفيتا عاطفة الأرجنتينيين وثقتهم، وكيف لعبت من ناحية ثانية بنفوذها، فاتحة باب الأرجنتين لشخصيات تابعة للسلطات الألمانية النازية أثناء الحرب العالمية الثانية، ما ضاعف ثروتها وسمح لها بإقتناء العديد من الكنوز، لم تردّها إلى النازيين في ما بعد هزيمتهم إثر إنتهاء الحرب. وتركز المسرحية إلى حد كبير على الناحية المتقلبة في شخصية إيفيتا وقابليتها على الإنتقال من الخير إلى الشر ومن الكرم إلى الطغيان في لحظات قليلة، ولكن أيضاً على قوتها ورغبتها في إنجاز العديد من الإصلاحات الداخلية في بلدها حتى بعدما أصابها مرض السرطان، وحوّلها إلى إمرأة نحيفة وضعيفة جسمانياً. فهي لم تكف عن ملاحقة خوان بيرون حتى يسمع كلامها ويرضي شعبه، مضيفة دائماً أنها كانت تعمل في مصلحته قبل أي شيء آخر لأنه إذا كسب حب شعبه كسب حياته وأخرته. ويبقى رحيل إيفا لغزاً في ختام المسرحية، علماً أنها كانت مصابة بمرض خبيث، في حين يشك كثيرون أن خوان بيرون لعب دوره في شكل خفي في تسريع نهاية زوجته لأسباب سياسية إستراتيجية مخططة من قبله بمعاونة محيطه العسكري. والمسرحية ألفتها ماري أنج مونيوز في شكل كتاب نشر عام 2010 وأثار انتباه المخرج نيكولا برودين الذي إقتنى حقوقه بواسطة فرقة «لا سترادا» وعمل طوال ستة شهور على تحويل النص إلى عرض مدته ساعة ونصف الساعة بدلاً من ساعتين بموافقة المؤلفة. وتؤدي الممثلة ماريا فاز شخصية إيفيتا ببراعة فائقة تساعدها في ذلك قدراتها المتنوعة الناتجة من قدومها من دنيا السيرك والإستعراض أساساً، بينما يتقمص الفنان رومان كولينيون دور خوان بيرون في أسلوب مقنع يسبب مفاجئة الجمهور الذي اعتاد رؤيته من قبل في أعمال فكاهية بحتة. واكتفى المخرج برودين ببناء حبكة العمل من حول وجود إثنين فقط من الممثلين فوق الخشبة، جاعلاً من الشخصيات الأخرى وجوداً صوتياً فقط، وذلك بمهارة تستحق الذكر لما سمحت به من تقليل تكاليف الإنتاج من دون أن يشعر المتفرج بأي نقص على الإطلاق.