الأسبوع الماضي، ناقش «منتدى الرياض الاقتصادي» دراسة عن تقويم الاستثمار الأجنبي في السعودية. الدراسة طالبت بإعادة هيكلة «الهيئة العامة للاستثمار»، وعلى نحو يمكّنها من الاعتناء بالاستثمار الأجنبي والمحلي بالتساوي، كما تقضي لائحتها التنفيذية، وجعلها نافذة موحدة للترخيص والمتابعة والتقويم، وتركيز جهودها على إيجاد شراكات مع شركات دولية كبرى، وإقامة مشاريع عالمية المستوى، وذكية التخصص. جاءت الأفكار التي ناقشها المنتدى متوافقة مع كل الآراء التي تداولتها وسائل الإعلام المحلية خلال السنوات الخمس الماضية. ومن أبرزها أن الهيئة تصدر تراخيص لمشاريع صغيرة ذات تمويل متدنٍ، وتمثل 40 في المئة من المشاريع المرخص لها في التعليم وتقنية المعلومات والنقل والتأمين، ويتراوح رأسمالها بين 400 ألف و2.5 مليون ريال، وهو ما أفضى الى منافسة غير عادلة مع صغار المستثمرين السعوديين. وأشارت الدراسة الى ضرورة وضع معايير تضمن قيام مشاريع كبيرة، تنقل خبرات جديدة للبلد، وقيمة مضافة متميزة، وتحديد مرحلة انتقالية يلتزم المستثمر الأجنبي خلالها تدريب أيدٍ عاملة سعودية وتأهيلها لتحل في النهاية محل العمال الأجانب، باستثناء التخصصات النادرة، ومتابعة أداء المشاريع المنفّذة وتقويمها، ونشر التقارير الدورية عنها. كما أعلنت الدراسة ان المدن الاقتصادية التي أُنفِقت عليها بلايين الريالات، ومر على الإعلان عنها اكثر من 5 سنوات، لا تزال في مرحلة التصميم والتنسيق مع الجهات المعنية. والأهم ان الهيئة أهملت المستثمر المحلي، ولم تطبّق النظام الذي يحميه، إضافة الى ضعف استقطاب المدّخرات الوطنية وتوظيفها في الاستثمار. «الهيئة العامة للاستثمار» عبّرت عن استيائها الشديد من الدراسة، عبر بيان نُشر في وسائل الإعلام المحلية. وهي ركّزت في البيان على ما قيل عن لجوء المستثمرين في المملكة الى الرشوة وأساليب الغش والتحايل لإنجاز معاملاتهم من أجل تيسير أمورهم. وصِيغ البيان بطريقة توحي بأن القضية اختلاف على بيروقراطية العمل، رغم ان هذا الاتهام كان جانباً هامشياً في الدراسة. القضية الأهم هي عدم تنفيذ المدن الاقتصادية، وإعطاء مستثمرين صغار فرصاً على حساب الشباب السعودي، وعدم جذب استثمارات عالمية توطّن التقنية، وتخلق فرص عمل للمواطنين. الأكيد ان مشاكل «هيئة الاستثمار» لا تحل ببيانات ومقالات. المسألة باتت بحاجة الى تدخل الدولة من خلال وزارة المال، التي رعت منتدى الرياض الاقتصادي. والخلاصة هي ان السعودية بحاجة إلى دعم المستثمر السعودي، ووضع قضية فرص العمل بين أبرز اهداف الاستثمار. [email protected]