في حي البلد بجدة، وعند باب مكة القديم، ترتص حافلات خط البلدة، في منظرٍ مألوف منذ 50 عاماً، في مشهد قديم يحكي تاريخاً لم يتغير، فالحافلات قديمة الصنع على حالها، والمكان احتفظ بالروح الشعبية لجدة القديمة، وأصحابها من كبار السن وكأن عجلة الزمان توقفت عليهم وعلى حافلاتهم. اتخذوا من ساحة الباب «مركازاً»، والانتظار للركاب امتيازاً، والاتجاه بهم إلى أرجاء جدة في خمسة مسارات محددة كتبت على جوانب الحافلات، مصدراً للرزق (السعر واحد وإن اختلفت المسافات) بدءاً بأربعة قروش لكل راكب، قبل عقود من الزمن، ليصبح السعر اليوم ريالين. تلك الحافلات أخذت الفرصة أكثر مما يجب، واستمرت تقاوم الزمن ولم تنقرض، كان قرار بقائها بأمرٍ ملكي، نص على أن بقاءها مرهون بنهايتها، لكن ما حدث هو أن سائقيها ما زالوا يقومون بصيانتها وتجديدها بشكل مستمر، فاستمرت في زمن يرى المهتمون فيه بشأن تطوير النقل من المسؤولين والخبراء والناس أن تغييرها بوسيلة أفضل وأكثر أماناً أصبح ضرورة لمنظرها العشوائي، وعدم توافر السلامة والأمن فيها وعدم ملاءمتها لتوسع مدينة مثل جدة، من ناحية سلاسة الحركة والخدمات التي هي في حاجة مستمرةٍ لها حالياً ومستقبلاً.