أجمع سياسيون على أن المبادرة التي دعا فيها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الانتقال من مرحلة التعاون بين الدول الست إلى الاتحاد الواحد «كانت مفاجأة». وأضافوا في حديث إلى «الحياة» أمس أن خطوة خادم الحرمين ومبادرته «جاءت في الوقت المناسب التي تموج فيه المنطقة بأوضاع سياسية لم تشهدها من قبل، إلى جانب مواجهة الدول الخليجية للتحديات الصادرة من دول الجوار لها»، معتبرين أن هذه المبادرة التي قرر القادة الخليجيون أمس تشكيل ممثلين لدرسها ووضع أسسها «لا بديل عنها». وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة البحرين الدكتور باقر النجار في اتصال هاتفي مع «الحياة» أمس إن دعوة خادم الحرمين جاءت في مرحلة مهمة تمر بها المنطقة العربية، ومن ضمنها منطقة الخليج العربي، وتزامنت مع الأمنيات التي كان يعلقها الخليجيون بشأن تطوير حال التعاون بين أعضاء المجلس إلى حال أرقى، وأن يكون هناك شكل من الاتحاد والتطوير لمواجهة الإشكالات التي تعترض الخليج من شتى المجالات». وأضاف: «منذ زمن كان لا بد أن يكون هناك وحدة بين الدول الخليجية تلتقي مع أمنيات الشعب الخليجي، وأن يكون هناك شكل من التطوير، ونحن الآن نأمل أن تتحقق هذه الدعوة التي أطلقها خادم الحرمين في القريب العاجل جداً، لأن الارتقاء من حال التعاون إلى الاتحاد من دون شك سيلقي تأثيره الواضح في هذه الدول التي تحتاج ذلك، وخصوصاً ما يتعلق في علاقاتها مع الخارج وستنعكس على مزيد من الترابط بين شعوب المنطقة الواحدة». وحول رؤيته لمشروع «الإصلاح» في دول الخليج العربي قال النجار: «من أهم الأمور التي تنجح فيها عملية الإصلاح بأية دولة هو أن تأتي عمليات الإصلاح بشكل تدريجي، بمعنى أنه لا أحد يستطيع أن يقفز على مراحل التطور الموجودة، خصوصاً إذ علمنا أن عملية الإصلاح هي عملية تتابعية، وأنه مهما كان الأداء فلا يمكن إنجازها على المستوى القصير، إنما تتحقق على المدى البعيد، وهي تحتاج إلى فترة زمنية وتحتاج إلى قدر من الصبر». واعتبر أن دعوة خادم الحرمين الشريفين للاتحاد الخليجي يأتي لصد أية محاولات لأطراف إقليمية للتدخل في الشؤون الداخلية لبعض دول المنظومة الخليجية». من جهته، اعتبر نائب رئيس اللجنة الخارجية في مجلس الشورى الدكتور عبدالله بخاري مبادرة خادم الحرمين «مفاجأة سارة» لدول الخليج العربي، خصوصاً أنها تعيش في وسط عالم متكتل، وأن هذه الدعوة جاءت لتحقق أهداف المجلس. وأضاف: «نحن اليوم في عصر التكتلات بشتى أشكالها سواء أكان ذلك سياسي أو اقتصادي أو حتى عسكري، وخادم الحرمين بالأمس نادى بالتكتل الشامل المتكامل والدول الخليجي كيان مترابط لمواجهة التحديات التي تواجهها الدول التي بدأت تستشعرها، لأن القوة تكمن في الوحدة، وهي خطوة ومبادرة جريئة جاءت لتبين بعد النظر للمستقبل»، مؤكداً أن دول الخليج ستصبح فريسة سهلة إن لم تترابط وتتوحد فيما بعضها البعض. ولفت بخاري إلى نجاح هذه المبادرة لأنها جاءت بشكل ضروري، ولأنها تسعى إلى توفير التكامل العسكري والأمني للجميع، التي لا بد من كيان يجمعها». إلى ذلك قال الباحث في العلاقات الدولية عبدالله الشمري إن قمة الرياض جاءت في ظروف إقليمية جديدة متوترة، وكذلك في ظروف دولية صعبة في وقت تتعرض له بعض دول الاتحاد الأوروبي لاحتمالات الانهيار الاقتصادي. وأضاف: «تنعقد القمة الحالية بعد أن تغيرت الأنظمة السياسية في تونس ومصر وليبيا وحدوث تحول سياسي في اليمن وظهور بدايات تؤشر لحرب أهلية في سورية بعد انسداد الحلول السياسية وكل هذه التغيرات يفترض ان تجعل دول المجلس تفكر جدياً بإعادة النظر في سياساتها الخارجية القديمة لتتوافق مع الأوضاع الجديدة». وأكد الشمري أن دول الخليج حققت نجاحاً سياسياً بعد مساعدة البحرين للحفاظ على استقرارها الداخلي، وكذلك التوقيع على المبادرة اليمنية التي أنهكت دول المجلس ديبلوماسياً وسياسياً طوال 8 أشهر وعرضت الصدقية الخليجية في اليمن وإقليمياً ودولياً للاختبار. وتابع: «ما تحتاج إليه دول المجلس الآن هو إعادة النظر في البحث عن أسباب ضعف الديبلوماسية الخليجية وعدم قدرتها لإحداث ضغوط على إيران لمنعها من التدخل في الشؤون الخليجية».