واحد من الشعارات الأثيرة لدى قناة «أخبار المستقبل»، هو ذاك، المضحك الذي يقول فيه لمشاهدي المحطة إن عليهم أن يتذكروا أن الزمن لا يتوقف حين يطفئون الشاشة. صباح أمس الأربعاء... كذبت المحطة بنفسها هذا الشعار: توقف الزمن فيها تماماً، وتوقفت أحداثه عند صباح اليوم السابق، أي يوم الثلثاء. ولسنا هنا في صدد حكاية خيال - علمي. كل ما في الأمر أن هذا حدث فعلاً، وعلى الأقل بين السابعة صباحاً والتاسعة والنصف من الصباح نفسه: أي أن المحطة التي تطلق على نفسها اسم «أخبار المستقبل» بثت أخبار الماضي، بدءاً من اعلانات برامجها التي وعدت مشاهديها بأن يروا الأمير طلال ارسلان يصول ويجول على شاشتها مساء «اليوم» أي الثلثاء! وصولاً الى موجزات الأخبار على رأس كل ساعة، أي في الثامنة والتاسعة، وصولاً الى نشرة الأخبار الكاملة عند السابعة، وهي نشرة قدمتها المذيعة نضال أيوب، وفيها كل أخبار يوم... الاثنين، وتوقعات المحطة ليوم... الثلثاء، وهكذا مثلاً عرف مشاهدو المحطة صباح الأربعاء أن ثمة مؤتمراً للحوار الوطني في قصر بعبدا «سيعقد ظهر الثلثاء» وسيليه سفر الرئيس اللبناني ميشال سليمان الى لندن. كما علموا أن النائب ميشال المر شكل لائحته يوم الاثنين - أي «أمس» بحسب المحطة -. والآن كي لا يبدو هذا كله أشبه بالكلمات المتقاطعة أو كذبة أول نيسان «متأخرة أكثر من ثلاثة أسابيع»، نقول باختصار، إن «أخبار المستقبل» أعادت بث كل ما كانت بثته قبل 24 ساعة، من دون أن يتنبه أي من مسؤوليها أو موظفيها أو عمالها أو متفرجيها، وبخاصة من دون أن تتنبه مقدمة الأخبار، علماً أن الأخبار يفترض أن تبث على الهواء مباشرة. وكذلك الحال، بخاصة مع فقرة «أقوال الصحف» التي تفنن مقدماها بقراءة عناوين صحف صباح الثلثاء، على أنها صادرة في صحف اليوم: الأربعاء. لسنا ندري ما إذا كان الأمر «مزحة» أو «خطأ تقنياً»، لكننا نعرف أنه ينم عن غفلة تامة، مهما كانت مبرراته البشرية أو التقنية، أو حتى «الكومبيوترية»، ذلك اننا نعرف أن العدد الأكبر من الأخطاء البشرية والتقنية ينسب في زماننا هذا الى «الكومبيوتر» - مشجب مصائبنا الجديد هذا! -. لكننا نعرف أنه في معمعات الهوس العربي العام بدخول كتاب غينيس للأرقام القياسية، يحق ل «أخبار» المستقبل أن تقدم طلباً، مبرراً ومصادقاً عليه، للفوز بلقب «أكثر قنوات التلفزيون غفلة في التاريخ»... حيث يخيل الينا، أن ما من قناة أخرى تمكنت من تحقيق مأثرة من هذا النوع، ولا حتى القناة السودانية ولا الوطنية اللبنانية: مأثرة الغفلة ساعتين وأكثر عن «خطأ» تقني يفترض أن من يقترفه قناة توظف مئات العاملين ويشاهدها مئات الألوف، وتخوض ما تسميه معركة الحقيقة والصدقية!