بغداد، واشنطن - «الحياة»، رويترز، أ ف ب - غادر آخر الجنود الأميركيين العراق صباح الأحد بعد حوالى تسع سنوات من بداية حرب مثيرة للجدل بأسبابها وفصولها، تاركين خلفهم بلاداً تعيش على وقع أزمات سياسية مغلفة بتحديات أمنية كبيرة. وكان جنود اللواء الثالث من فرقة سلاح الفرسان الأولى آخر من اجتاز الحدود العراقية - الكويتية، بعد نحو ثماني سنوات وتسعة اشهر من عبور القوات الأميركية للحدود ذاتها في الاتجاه المعاكس في بداية «عملية حرية العراق». وغادر الموكب الأخير الذي ضم 110 آليات تحمل على متنها 500 جندي معسكراً يبعد حوالى 350 كلم عن المعبر الحدودي العراقي الكويتي الذي لفته الأسلاك الشائكة، عند حوالى الساعة الثانية والنصف فجراً وعبر طريقاً خالية من أي حركة أخرى. وبدأت آخر الآليات الأميركية تجتاز المعبر الحدودي عند السابعة والنصف صباحاً وسط تصفيق وصيحات الجنود، قبل أن تسدل بعد ثماني دقائق من ذلك الستار على اكثر الحروب الأميركية إثارة للجدل منذ حرب فيتنام قبل نحو نصف قرن. وسيبقى في العراق 157 جندياً أميركياً يساعدون على تدريب القوات العراقية ويعملون تحت سلطة وإشراف السفارة الأميركية، اضافة إلى فرقة صغيرة من المارينز مكلفة حماية بعثة بلادها الديبلوماسية. وجاء الانسحاب الأميركي تطبيقاً لاتفاقية أمنية وقعت العام 2008 بين بغداد وواشنطن علماً أن الرئيس الأميركي باراك أوباما اكد في تشرين الأول (أكتوبر) الانسحاب الكامل اثر رفض العراق منح آلاف الجنود الأميركيين حصانة قانونية. المحطات الرئيسية للوجود الأميركي في ما يأتي المحطات البارزة المرتبطة بالوجود الأميركي في العراق منذ 2003وحتى مغادرة آخر الجنود الأميركيين: 2003 - 20 آذار (مارس): بدء عملية «حرية العراق» بغارات على بغداد ودخول القوات الأميركية والبريطانية جنوب البلاد. - 9 نيسان (أبريل): دخول الأميركيين إلى بغداد وسقوط نظام صدام حسين. - 1 أيار (مايو): الرئيس الأميركي جورج بوش يعلن «نهاية المعارك» في العراق ومواصلة «الحرب على الإرهاب». - 2 تشرين الأول (أكتوبر): الاعتراف بعدم العثور على أي أسلحة دمار شامل. - 16 تشرين الأول : صدور القرار الرقم 1511 عن الأممالمتحدة وينص على تشكيل قوة متعددة الجنسية بقيادة أميركية. - 13 كانون الأول (ديسمبر): اعتقال الرئيس المخلوع صدام حسين قرب تكريت (شمال بغداد). 2004 - من نيسان إلى آب (أغسطس): مواجهات بين قوات التحالف والميليشيا التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر. - بين نيسان وتشرين الثاني (نوفمبر): هجمات واسعة على الفلوجة حيث كان يتحصن متمردون من السنة وعناصر من تنظيم «القاعدة». - 28 نيسان: نشر صور عراقيين يسيء عسكريون أميركيون معاملتهم في سجن أبو غريب. - 28 حزيران (يونيو): بعد 14 شهراً من الاحتلال، قوات التحالف تسلم السلطة إلى حكومة عراقية. 2005 - 30 كانون الثاني (يناير): أول انتخابات تشريعية متعددة الأحزاب في العراق يقاطعها السنة. - 6 و 7 نيسان: انتخاب أول رئيس كردي (سني) في تاريخ العراق هو جلال طالباني وتعيين إبراهيم الجعفري (شيعي) رئيساً للوزراء. - 15 كانون الأول: فوز الائتلاف الشيعي الموحد في الانتخابات التشريعية. 2006 - 22 شباط (فبراير): تفجير مسجد شيعي في سامراء شمال بغداد يؤدي إلى اندلاع أعمال عنف طائفية (450 قتيلاً). - 20 أيار: نوري المالكي رئيساً للوزراء. - 7 حزيران (يونيو): مقتل أبو مصعب الزرقاوي زعيم فرع تنظيم «القاعدة» في العراق في غارة أميركية. - 30 كانون الأول : إعدام صدام حسين شنقاً اثر إدانته في قضية مقتل 148 شيعياً في 1982. 2007 - 10 كانون الثاني : جورج بوش يعلن إرسال ثلاثين ألف جندي إضافي إلى العراق. 2008 - 23 آذار : عدد الجنود الأميركيين الذين قتلوا في العراق منذ أيار 2003 يرتفع إلى أربعة آلاف. - 27 تشرين الثاني: البرلمان يصادق على الاتفاقية الأمنية مع واشنطن التي تنص على انسحاب القوات الأميركية أواخر العام 2011. 2009 - 1 كانون الثاني: العراق يستعيد المنطقة الخضراء المحصنة وخصوصاً القصر الجمهوري رمز السيادة. - 27 شباط : الرئيس الأميركي باراك أوباما يعلن سحب الجزء الأكبر من القوات الأميركية في نهاية آب 2010 قبل انسحاب كامل في 2011. - 30 حزيران : القوات الأميركية تنسحب من المدن العراقية. - 19 آب ، 25 تشرين الأول ، 8 كانون الأول : اعتداءات في بغداد على مبان حكومية تؤدي إلى سقوط 386 قتيلاً. 2010 - 7 آذار : انتخابات تشريعية. لا غالبية حقيقية بين فريقي أياد علاوي ورئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي. - 31 آب : انتهاء المهمة القتالية الأميركية. - 10 تشرين الثاني : اتفاق بين العراقيين على تقاسم السلطة. - 21 كانون الأول : حكومة وحدة، تكتمل في شباط 2011. 2011 - 3 آب : ضوء اخضر عراقي لبدء مفاوضات حول الإبقاء على مدربين عسكريين اميركيين بعد 2011. وفي 8 أيلول (سبتمبر) يؤكد البنتاغون تأييده لإبقاء ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف جندي. - 15 آب : 74 قتيلاً في اعتداءات يتبنى معظمها تنظيم «القاعدة» في العراق. - 21 تشرين الأول : أوباما يعلن رحيل 39 ألف جندي أميركي ما زالوا في العراق بحلول نهاية العام. ويرغب البلدان في إبقاء قوة لتدريب الجيش العراقي لكن واشنطن تطالب بالحصانة القضائية لعسكرييها الأمر الذي رفضته بغداد. - 9 تشرين الثاني إلى 7 كانون الأول : الجيش الأميركي يسلم العراقيين قواعده الجوية في بلد (شمال بغداد) والأسد (غرب) وكذلك قاعدة فيكتوري قرب بغداد. ولا يزال اقل من سبعة آلاف عسكري ومتعاقد مدني من وزارة الدفاع الأميركية متمركزين في اربع قواعد. الكلفة الباهظة للحرب مع سقوط آلاف القتلى والجرحى وانتشار الجنود بأعداد كبيرة وصرف مئات مليارات الدولارات خلال ثماني سنوات من الحرب، اضافة الى عشرات المليارات الاضافية التي ستنفق في السنوات المقبلة، تبدو كلفة النزاع في العراق باهظة للغاية. الكلفة البشرية: منذ الاجتياح الاميركي للعراق في آذار (مارس) 2003، سقط ما لا يقل عن 126 ألف مدني عراقي قتلى، لاسباب مباشرة مرتبطة بالنزاع، بحسب البروفسور في جامعة بوسطن نيتا كراوفورد. يضاف الى ذلك 20 الف جندي وشرطي عراقي وأكثر من 19 الفاً من المتمردين. وبحسب المنظمة البريطانية «ايراكباديكاونت.اورغ»، فإن الخسائر في صفوف المدنيين تتراوح بين 104035 و113680 شخصاً منذ 2003. وفي جانب التحالف، خسرت الولاياتالمتحدة 4408 عناصر، منهم 3480 من القوات القتالية، كما اصيب حوالى 32 الف جندي اميركي بجروح بحسب ارقام البنتاغون. اما بريطانيا، فخسرت من جهتها 179 جندياً. ولجأ نحو 1.75 مليون عراقي الى البلدان المجاورة او نزحوا في داخل البلاد بحسب الاممالمتحدة. مئات آلاف الجنود المنتشرين: مع بدء عملية «حرية العراق» انتشر حوالى 150 الف جندي اميركي في العراق مدعومين بنحو 120 الف جندي اميركي آخر يساندون العملية من الخارج. كما شارك اكثر من اربعين الف جندي بريطاني في الغزو. وانخفض عديد القوات في اطار عملية «حرية العراق» تباعاً ليبلغ 165 الفاً في أواخر 2006، قبل ان تقرر واشنطن ارسال تعزيزات من ثلاثين الف عنصر في مسعى لاحتواء انفجار اعمال العنف. وفي ايلول (سبتمبر) 2010 انتهت عملية «حرية العراق» وبقي خمسون الف جندي اميركي في البلاد للمساعدة على تدريب الجيش العراقي. الكلفة المالية: خصصت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) حوالى 770 مليار دولار للعمليات في العراق منذ 2003. هذه المبالغ التي اخذت من جهاز العمليات الخارجية، مضافة الى ميزانية البنتاغون، قد استخدم جزء غير محدد منها لتمويل الحرب في العراق. ويضاف الى ذلك كلفة المساعدة الاميركية للعراق والتكفل بالجرحى والمحاربين القدامى. وبالنسبة للمحاربين القدامى، يصعب فصل التكاليف الخاصة بنتائج عملية «حرية العراق» عن تلك المتعلقة بالعمليات في افغانستان، لان حوالى 1.25 مليون من المحاربين القدامى نشروا تكراراً في ساحة المعركة في كلا البلدين. ومنذ نهاية 2010، انفقت الولاياتالمتحدة حوالى 32 مليار دولار على تكاليف العناية الطبية للجرحى ودفع معاشات للمصابين بإعاقة يستفيد منها المحاربون القدامى مدى الحياة. وكذلك، فان الكلفة المقبلة ستكون كبيرة. وتقدر البروفسورة في جامعة هارفرد ليندا بيلمز، التكاليف الطبية ومعاشات التقاعد للمحاربين القدامى بما بين 346 و469 مليار دولار بحلول 2055.