لن تستطيع الإفلات من ظلال تلك الأرواح الراقصة حول النار تردد تعويذة الحب العائد بأنانية وغيرة لقتل حب يولد. وها أنت مشدود بقوى وترية وهوائية إلى تلك الأرواح التي تحتفي بعودة شبح حبيب كرديلا الغجرية ليسكنها ويمنعها من أن تعيش حبها لكرميللو بحرية. لكن كرديللا تدافع عن حبها وتسعى إلى «كسر» السحر وإبعاد شبح حبيبها الأول إلى الأبد بتحويل انتباهه وتوجيه مشاعره نحو امرأة أخرى من باب الحب بالحب. ألم يقل العرب: ما الحب إلا للحبيب الأول؟ كان «إلامور بروخو» (الحب الساحر) لمانويل دي فايا ورقصة «الأجل القصير» آخر العروض الثلاثة التي اختتمت الدورة الثالثة للمهرجان الدولي للموسيقى السمفونية الذي استضافه «قصر الثقافة» في العاصمة الجزائرية. وصفق الجهور المتدفق على القاعة لها كثيراً، كما صفق للفرقة المتعددة الجنسية التي عزفت بقيادة المايسترو الإسباني إغناسيو غارسيا فيدال السمفونية الخامسة لتشايكوفسكي، وأخيراً لتلك المقاطع الموسيقية المختلفة التي زارها الجمهور في «جولة الموسيقى الجزائرية». شارك في المهرجان فنانون من 21 بلداً من أوروبا وأفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، فضلاً عن فنانين عرب من تونس والمغرب والعراق. وتميز الحدث بمستوى رفيع من حيث التنظيم والأداء. واعتبر مديره عبدالقادر بوعزارة أن الدورة الثالثة ناجحة بكل المقاييس، لافتاً إلى تمكنه من زيادة عدد جمهور هذا النوع من الموسيقى، ما عزز قدرته على ضمان حفلات في الجودة ذاتها التي تقدمها العواصم العالمية. وشاركت في المهرجان فرق عدة، من الأوركسترا السمفونية الوطنية الجزائرية إلى المجموعة الأوركسترالية التونسية التي قدمت من خلال عزف محمد بوسلامة وفاروق شابو وسيف الدين بوراوي وصوتي هيثم هديري ويسرا زكي «أوبرا السيدة الخادمة»، وهو العرض الذي نال إعجاب الجمهور. ولم تتوقف العروض الجيدة منذ السهرة الأولى، مثل أداء التشيخية «بترا كوهوتوفا» (ميزو سوبرانو) لمقام باللغة العربية، وعزف الفرقة الكورية «فوروم موسيقى باريس» قطعة «جزاير أنت حبي» في شكل كلاسيكي، علماً أنها كادت أن تكون نشيد المونديال الجزائري. كما فوجئ المنظمون بالأداء الرائع للتشكيلة البلغارية «صوفيا سوليست». وعزف الفنانون المشاركون وقدموا لوحات متنوعة، فتمتع الجمهور بموتسارت وباخ وفيردي وبوتشيني وغيرهم من عباقرة الموسيقى.