الجزائر- رويترز – إنها ليلة صاخبة في وسط البلدة في الجزائر العاصمة، وآلاف الشبان الجزائريين يملأون الشوارع وهم يتصايحون ويرقصون على الإيقاع المنبعث من مسرح موقت.تندر رؤية هذا المشهد في المدينة التي عانت من سنوات من الصراع بين الحكومة والمتشددين الإسلاميين، وكانت شوارعها في معظم الليالي شبه خالية الا من رجال الشرطة الذين كانوا يتولون نقاط التفتيش. وبعد نحو عقدين من التفجيرات هدأت أعمال العنف بدرجة تسمح للجزائريين بتبني مفهوم غير مألوف هو الاستمتاع بوقتهم. واستضافت الجزائر لأسبوعين مهرجاناً افريقيا للرقص والمسرح والموسيقى والفن هدفه تعريف العالم أن الحياة تعود ببطء الى الجزائر والسماح للناس بأن يتمتعوا بمزيد من الحرية والمرح. يقول زواوي بن حمادي مسؤول الاتصال في المهرجان الثقافي الافريقي : «الجزائريون في حاجة الى بعض المرح بعد عقود من الدم والدموع... الآن باتت الحروب والصراعات وراءنا. دعنا نركز على المستقبل». بيد أن المتعة بالنسبة الى بعض الناس في الجزائر المحافظة قد تمادت كثيراً. وأوردت احدى الصحف أن العرض الذي قدمته راقصات من افريقيا جنوب الصحراء كان فاضحاً وتساءلت لماذا لم يتدخل الرقباء. وجمع منظمو المهرجان نحو ثمانية آلاف فنان من 48 دولة منهم الموسيقي السنغالي المعروف يوسف ندور ومغني موسيقى الريجي الفا بلوندي والمغنية سيزاريا ايفورا الحاصلة على جائزة غرامي وهي من الرأس الاخضر. وكانت المرة الوحيدة السابقة التي أقيم فيها المهرجان الافريقي في الجزائر العاصمة منذ 40 سنة. يقول محمد عمراوي (25 سنة) وهو واحد من 70 في المئة من الجزائريين ممن هم دون الثلاثين من العمر الذين يعانون من البطالة وفقاً لتقديرات غير رسمية «هذا إهدار للمال، ان المال الذي دفع على المهرجان كان أجدى ان تقدمه الدولة الى العاطلين من العمل. وللجزائر هدف سياسي أيضاً من إقامة المهرجان وهو استخدام قوة الديبلوماسية الثقافية في تعزيز نفوذها في افريقيا، وهي ثاني اكبر دولة افريقية من حيث المساحة واحدى اكثر دول القارة السوداء ثراء، كثيراً ما تتوحد مع اوروبا والشرق الاوسط اكثر من توحدها مع افريقيا. وقد رسخ خصمها الاقليمي المغرب أقدامه كمركز للثقافة الافريقية حيث يقيم مهرجانات موسيقية كل سنة تستقطب عشرات الآلاف من الشبان وكثيراً ما تتصدر الدعاية لها اسماء موسيقيين افارقة، وتعمل الجزائر على اعادة التواصل مع تراثها الافريقي.