لازي (بولندا) - أ ف ب - يعتلين المسرح ببزّات الرقص البيضاء لتقديم عروض باليه كلاسيكية. الرقص شغف هؤلاء المتقاعدات السبع، في بلدة صغيرة جنوب بولندا، وما من رادع يحول دون تحقيق هذه الهواية حتى ولو كانت أصغرهن سناً... تشارف على الستين. تقول أولا سزسزيبانسكا (63 عاماً)، فيما تبدل ملابسها في حجرة خاصة في بيت الثقافة في مدينة لازي، التي تضم ستة آلاف نسمة: «لا نريد أن نقبع في المطبخ مثل الجدّات المسنّات». بعد عرض «بحيرة البجع»، ينبغي على الراقصات خلع التنورة القصيرة بسرعة، لارتداء البزّة الحمراء الخاصة برقصة كالينكا الروسية ضمن الجزء الثاني من هذا العرض الذي يقدم أمام جمهور تخطى معظمه الخمسين من العمر. كان لا بد من تفصيل الثوب على قياس سزسزيبانسكا التي لا توفّق بأثواب من مقاسها في المحال المخصصة لبزّات الباليه... لكن الفرح يهيمن دائماً على الراقصات السبع. مونيكا باتور (65 عاماً)، عملت طوال حياتها في محل تبغ وتجلس على الكرسي ثماني ساعات يومياً، لكن «عندما أرتدي هذه البزّة أنسى أنني سمينة، وأصبحت اليوم أنفّس عن همومي». في الجزء الثالث من العرض، تقدّم رقصة بوليوودية تظهر البطون المترهلة، وفي الختام رقصة «كان كان» الفرنسية المضنية، فينطلق الجمهور في تصفيق حار، مطالباً بعودة الراقصات اللواتي ينصعن على رغم تعبهن. هذه المغامرة بدأت قبل ثلاثة أشهر، عندما قررت عضوات جمعية نسائية في بلدة كوبالنيا، تأدية رقصة «بحيرة البجع» على سبيل المزاح، في مناسبة عيد القديسة بربارة شفيعة عمال المناجم. وتتذكر آنا نيروبيس (73 عاماً)، وهي عميدة سن المجموعة، أن العرض راق كثيراً للحضور، «وقررنا المتابعة، فقمنا بحياكة بزّاتنا الأولى من قطع ستائر بالية». وقد أصبحت راقصات فرقة «باربوركي»، وهن قد أطلقن على فرقتهن هذا الاسم تيمناً بالقديسة بربارة، نجمات في بلدهن، يتلقين الدعوات من قنوات تلفزيونية، خصوصاً بعدما قدمن رقصة في برنامج هزلي شهير، فذاع صيتهن وبات الناس يتعرفون إليهن في الشارع. وتقول الراقصة هيلينا ريكومبل (56 عاماً) إن ردود الفعل غالباً ما تكون إيجابية، «فنتلقى التهاني من الشباب على شجاعتنا». وقد تكفّلت خيّاطة بالبزّات، وإسكافي بحذاء الباليه، كما تمول البلدية دروس الرقص والجولات. وتعترف كارولينا سلوويك، مصممة الرقصات، بأن «تعليم الرقص لمسنّات من العمر هو تحدّ في ذاته». وتتابع المصمّمة، وهي في سن أحفادهن: «بالطبع هنّ يعجزن عن القيام ببعض الخطوات، لأنهن لم يتعلمن الرقص في شبابهن، لكنهن متحمسات ومنضبطات». وتجرى التمارين في صالة رقصة تغطيها المرايا، مرة في الأسبوع، أو أكثر إذا اقتضت الحاجة. ومن بين المشاريع المقبلة لفرقة «باربوكي»... تعلم رقص الفلامينكو.