يبحث القطاع الاقتصادي الجديد «نوتري اينيرجيتيكس» عن كل أنواع الفضلات الغذائية والصناعية، لإعادة معالجتها واستخدامها في القطاعات الغذائية والطاقة. ويراهن خبراء على هذا القطاع لإخماد الصراع الدولي بين الجوع الغذائي والتعطش الطاقوي الذي يهيمن على ملايين الهكتارات من الأراضي الزراعية لإنتاج الديزل البيولوجي وغيره من وقود السيارات، بدلاً من الأطعمة التي تعاني تراجعاً في إنتاجها. أما الصناعة، المنوطة بهذا الأفق الاقتصادي الجديد، والتي ولدت في ثمانينات القرن الماضي في اليابان، فتدعى «نوترسوتيكل»، ويُقدّر حجمها في الولاياتالمتحدة الأميركية ب86 بليون دولار. أما في اليابان وأوروبا وسويسرا فهي أعلى قليلاً. وتستأثر هذه الصناعة بنحو سبعة بلايين فرنك سويسري (7.46 بليون دولار) من إجمالي مبيعات المواد الغذائية حول العالم، ويتوقع خبراء أن تستوعب ما لا يقل عن مليون موظف خلال السنين العشر المقبلة، في حين بدأ بعض الجامعات السويسرية يطرح على الطلاب أقساماً دراسية وشهادات لمجاراة نمو هذا القطاع الاقتصادي الواعد. ويعتمد القطاع الجديد على صناعتين، الغذائية والصيدلانية، في حين يُرصد اهتمام تجاري ضخم بها من الصناعات الغذائية والبيوتكنولوجية وتلك المنوطة بالطاقة المتجددة. وتشهد هذه الصناعة الجديدة ولادة أولى براعمها، وهي قادرة على جعل المشغلين الاقتصاديين وعمالقة الإبداع الصناعي يحلمون بتنفيذ تغيرات جذرية في المسار الاقتصادي العالمي، إذ أن الفضلات التي ترميها الصناعات الغذائية والصناعية تُوجّه نحو هندسة منتجات «نوترسوتيكلية» متعددة الاستعمال. وعلى سبيل المثال، فإن جزءاً من هذه المنتجات سيكون ذا خصائص علاجية غنية بالبروتينات المخصصة لتغذية البشر والحيوانات معاً، أما الجزء الآخر، فسينافس منتجات البيوديزل المستخرجة من النبات. ولا يتمادى خبراء كثيراً في حديثهم عن تأثير قطاع «نوتري اينيرجيتيكس» إذ ما زال في مرحلة الاختبار التي يصعب تقويم حجمها المالي. إلا أن محللين يتوقعون أن يصل إجمالي مبيعات الصناعة النوترسوتيكلية إلى 250 بليون دولار عام 2015. ويرى بعضهم أن هذه الصناعة الحديثة ستكون قاطرة نماذج إنتاجية جديدة ومتجددة صديقة للبيئة، والدول الصناعية ستراهن عليها هرباً من الكساد الاقتصادي. وتستعد الصناعة البيولوجية الصيدلانية السويسرية لتبني هذا الابتكار، إذ تعتبرها الطريقة المثالية لحل مشكلة إدارة النفايات. وهناك نوعان من الأطعمة التي سترافق تطور الصناعة النوترسوتيكلية: الوظيفية، التي تسمح للمستهلكين بتناول الأطعمة المخصبة القريبة من حالتها الطبيعية بدلاً من أخذ المكملات الغذائية المصنعة، والطبية التي يُشرف عليها الطبيب وتهدف إلى إدارة غذائية محدّدة لمرض ما. ويُقدّر مراقبون سويسريون مبيعات هذين النوعين من الأطعمة في الأسواق المحلية بما لا يقل عن 24 بليون فرنك سويسري خلال العقد المقبل.