«الكاريكاتير فن لا يجوز كبحه، فهو بلا خطوط حمراء ولا سوداء، هو فن كسر المحرّمات والحدود والمألوف والمفترض»... هكذا بدأ الفنان أحمد الباز حديثه إلى «الحياة» خلال معرض «ثورات الربيع العربي بعيون فناني الكاريكاتير» الذي افتتح أخيراً في مركز «الحرية للإبداع» في الإسكندرية بمشاركة سبعة من كبار رسامي الكاريكاتير. في المعرض سبعون عملاً، تتنوع في الرؤى والأفكار والخامات والألوان المستخدمة. وطغى الشكل النقدي السياسي والاجتماعي الساخر على مضمون الأعمال، إذ من الواضح أنه شكَّل تربة خصبة لمخيلات الفنانين الذين تناولوا تلك المواضيع بجرأة لافتة ربما تجاوزت حدود الحرية التي كانت متاحة لهم قبل «الربيع العربي»، في ظل تعاظم أزمات الشعوب العربية، لا سيما اشتداد وسائل القمع ومصادرة الحريات. ويقول الباز: «الكاريكاتير مادة بصرية يسهل التعامل معها، يختزل كمّاً هائلاً من المواقف في مشهد واحد، فغالبية قراء الصحف لا تميل إلى قراءة تقارير مطولة أو تحليلات سياسية مقعرة، بل تجذبها الصورة البصرية القادرة على إيصال فكرة أياً يكن المستوى الثقافي أو السياسي للمتلقي». أما مصطفى علي، وهو أحد المشاركين في المعرض فيقول إن «المصريين القدامى هم أول من تنبَّه إلى هذا الفن الذي حقق مآربهم في السخرية ونقد الحاكم، لكن اللافت، في ظل الثورات العربية، هو تطور غير مسبوق متمثّل في ذيوع النكتة السياسية الشعبية اللاذعة، خصوصاً في بلدان الربيع العربي، فنقض فنانون كثيرون المحرّمات والمستغلقات السياسية، ولم يسلم حتى الرؤساء من جرأة فناني الكاريكاتير، وكلنا تابعنا الأعمال الأخيرة للرسام السوري علي فرزات وما حدث له بسببها». ومن اللوحات اللافتة في المعرض واحدة قدَّمها مصطفى إلى رئيس الوزراء المصري، كمال الجنزوري، باعتباره يحاول إخراج مصر من كبوتها، ولوحة أخرى قدَّم فيها شباب «ثورة يناير» رامياً بسهم أصاب حلم التوريث عند جمال مبارك. ومن المشاركين في المعرض، محمد عبد السلام، الذي طوّع تقنيات «الغرافيكس» في لوحاته، ومن أبرزها تلك التي تناول فيها حق الفيتو الأميركي، وكونه حجر عثرة أمام حلم الفلسطينيين بالاعتراف بدولتهم، إضافة إلى لوحة تناول فيها صراعات القوى السياسية، من ليبرالية واشتراكية وإسلامية، والتي تكاد تهلك مصر. ويشتمل المعرض، المستمر حتى 20 الشهر الجاري، على لوحات قدَّمتها إيمان البنا، تنتقد فيها الأوضاع الاجتماعية للمهمَّشين، إذ ابرزت بقوة الهموم التي يرزحون تحتها، في حين لا يشعر بهم صنّاع القرار السياسي.