عند استعراض صفات المرأة يستحضر الجميع (رجالاً ونساء) «إن كيدكن عظيم» سورة يوسف (آية 28) للتدليل على دهاء المرأة، مع تحميل هذا الكيد حمولة إرادة الإفساد والإساءة مع القدرة بالحيلة قدرة شبه مطلقة، ويتناسى من يردد الآية أن الوصف لعزيز مصر، وليس سمة يسم بها الله تعالى المرأة، ومتناسين أن الوصف تذييل لحكاية كذبة عاشقة افتضحت في ساعتها. لن أقول هنا بأن في القرآن الكريم عشرات الآيات يصف الله تعالى فيها كثيراً من تصرفات الرجال بالكيد والمكر «جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها» الأنعام (123) هو مكر عظيم من أكابر المجرمين مكر قتل وأذى، سأُعرض عن هذا، لأقول الله تعالى جعل نفسه «خير الماكرين» الأنفال (30). لكن الذهنية التي ترسخت فيها صورة للمرأة سلبية تنسى وتتذكر فقط أن كيد النساء عظيم، وعليه فإن على الرجل الحصيف أن يحتاط لهذا الكيد بكل وسيلة ممكنة مما يجعل بعض التضييق على المرأة جائز، ويجعل معنى«اهجروهن واضربوهن» النساء (34) اسحلوهن بالسيارات أو مزقوا أجسادهن بعدد السباكة ثم ارموهن في المستشفى كأنما نهشتهن ضوارٍ (لا خوف عليهن فبالمكر يأخذ حقهن ويسلبونكم حقكم). يحفظ كثيرون آيات التأديب معرضين عن أن الضرب كما فسره رسول الهدى ليس إساءة وعنفاً بل توبيخاً هدفه التوجيه بأسلوب حسن، ولعل أقرب مثل يوضح مقصود مفردة الضرب في القرآن حكاية قتيل اليهود حين أمرهم تعالى بأن يذبحوا بقرة «فقلنا اضربوه ببعضها» البقرة (73) فكيف هو هذا الضرب؟ والتأديب في الزواج لا يسمح به إلا لعلاج النشوز والإعراض، لا رد فعل عن كل ما يعتبره الرجل تقصيراً. أما النشوز والإعراض فسأفرد لهما مقالاً قادماً بإذن الله، وسأجاوزهما هنا إلى الطلاق. فالإسلام يكفل للزوجين أحدهما أو كلاهما إنهاء الزواج إن ظنا استحالة استمراريته، فللرجل الطلاق والقرآن يسميه «سراحاً جميلاً» الأحزاب (28) وللمرأة الخلع. مع البشارة منه تعالى «وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته» النساء (130) فأين منه قضايا تعليق النساء، وحرمانهن من نفقة المتعة ونفقة الأبناء إن كانت حاضنة أو حتى حق حضانتهم إن أبى الرجل واستكبر؟ السراح الجميل حتى في أكثر تفسيرات النص الديني ذكورية هو الذي لا ضرار فيه، والضرار في الطلاق السعودي كثير. النساء في السعودية إن دخلن متاهة الطلاق يدخلنها عارفات كم قد يجتهد الرجل إن شاء (زوجاً وأحياناً قاضياً) في إذلالها، ولا ناصر لها من نص قضائي ملزم يكفل لها أبسط حقها؛ تبليغها بأنه تم طلاقها. لم لا يكفل القضاء السعودي هذا السراح الجميل بإجراء بسيط؛ صياغة صك شامل للطلاق يتضمن توقيع المرأة مع الرجل فقد وقعت على عقد القران؟! لم لا يكفل تحديد مقدار نفقة المتعة وتوقيعها على تسلمها، وفيه تحديد لعدد الأبناء وأعمارهم ونفقة من يستحق النفقة منهم إن كانت المطلقة حاضنتهم، وربط هذه النفقة بدخل الرجل الشهري (نسبة) وربطها إلزامياً بحسابه البنكي الجاري حتى لا تظل المطلقة تنتظر ما لا يجيء كل شهر ؟! إلا أن بعض القضاة يجعل المرأة تعاود الزيارات الكئيبة للمحاكم جلسة بعد جلسة على رغم أنه يحفظ كاسمه «الإسلام كرم المرأة» ولا يتمنى نعمة في الدنيا (كسعودي) أكثر من أن تقر النساء في بيوتهن، لكنه يحفظ أكثر «كيدكن عظيم» وحتى إشعار آخر اعتمدن عليه. * كاتبة سعودية.