يقول الخبر، الذي نشرته صحف محلية تعليقاً على خبر مجلة «ساينس»، الذي يتهم جامعة الملك سعود بتقديم أموال للرفع من معدل الجامعة الأكاديمي عالمياً، ما نصه: «أكد وكيل جامعة الملك سعود للدراسات العليا والبحث العلمي الدكتور علي الغامدي أن التقرير تطرق في شكل عام من دون دلائل أو إثباتات أو ما يوثق ما ذكر فيه، ولا نعلم النيات التي تأتي خلف مثل هذه التقارير، التي تسيء للمملكة بشكل عام»، (انتهى الخبر). بالتأكيد انتهى، لكن الدكتور، لم يُنهِ النقاش ولا الأسئلة المفتوحة على جرح «الأمانة العلمية»، بل فتح لنفسه، باب الاختباء وراء الوطن هرباً من المشكلة. هل هو هذا ما يجيده الدكتور، الهرب من اتهامات التقرير نحو الأمام.. «نحو الوطن»؟! ليقول وبكل جرأة: «إن الانتقاد يسيء للوطن»، هكذا تختصر نفسك والجامعة والبحث موضع الشك في الوطن، بكل أطيافه وألوانه وأمجاده وتاريخه، هكذا تستدير وتوجه الاتهام نحو الوطن، هل تعتقد أن ملايين من السعوديين ما زالوا يصدقون مثل هذا التبرير؟! الزمن الحاضر زمن الحقائق والاعتراف بالذنب والتقصير، والانطلاق منه نحو معالجة الأخطاء وردم التراجع بالعمل لا بالمال. إن ما حصل من جامعة الملك سعود، ومن جامعة الملك عبدالعزيز، يكشف لنا بكل وضوح تفشي ظاهرة «العلاج المالي» التي يظن البعض أنها تطفئ الأخطاء وأنها لا تزال مجدية، أو أنها إذا كانت مجدية فإنها لن تنكشف، وأنها إذا لم تنكشف، فربما هناك من لا يزال لا يقبل بها مهما كانت مغرية. علاج التراجع الأكاديمي يطفئه عمل متراكم على مدى عقود، والإخفاق البحثي وتراجع موقع الجامعة عالمياً لا يلغيه الإغداق على الباحثين الأجانب وإشراكهم في البحوث المحلية. بل إن التحول نحو الجهد البحثي الحقيقي، وإعادة الجامعة إلى مكانتها التنويرية بعدما تراجعت، هو الحل السحري، لا أكثر ولا أقل. الجامعة هي من تتبنى ثقافة التحدي والعمل والتغيير نحو الأفضل، وترفض ثقافة شراء ورق السولفان بالمال لتجميل أغلفة البحوث. للأسف أن ثقافة إطفاء الخسائر بالمال لا تزال سارية المفعول، يخفق مدرب وطني فنغيرُ على عواطف الناس ونجلب مدرباً آخر بمال جديد ورقم مضاعف. تخفق جامعة فنصرف مئات الملايين على موقع الكتروني حتى نرفع معدلها ونحسن موقعها. المال ليس أب الحلول ولا أمها، هو أداة ثانوية بجانب أمانة علمية لا تخترق ولا تغفر لمن يمس شرفها الأكاديمي. تستطيع الجامعة أن تأتي بأفضل تصنيف في العالم، لكنها لن تخرج لنا عبقري الاقتصاد «ألن غريس بان»، ولن تأتي بمثل «ستيف جوبز» ملك «الأيباد» و«الآي فون»، ولا يمكن لها أن تخترع دواءً ضد السكري الذي فتك بالسعوديين، ولن تحل مشكلة المياه المحلاة التي أرهقت الدولة والمواطن. كما أنها لن تخرج شاباً عبقرياً، يحمل في يمينه هم وطنه، وفي شماله عيناً على المستقبل تغير العالم وتجمل حياته، مادامت الجامعة تبحث عن فصل الفتيات في كلية الطب، وما دامت تدير ظهرها للمسرح والفن، ومادامت سيارة «غزال» لا تزال رابضة في مواقف الجامعة لم تنجب ابنة أخرى تملأ الطرقات أهازيج سعودية وعدتمونا بها ذات يوم في حفلة بهيجة وتصفيق طويل. [email protected] twitter | @dad6176