نشبت مواجهة جديدة بين عدد من أعضاء هيئة التدريس بجامعة الملك سعود وإدارتها؛ على خلفية تقرير مجلة "ساينس" الأمريكية، الذي أشار إلى دفع جامعتَيْ الملك عبدالعزيز بجدة والملك سعود بالرياض مبالغ مالية لباحثين؛ لتحسين مركزيهما في التصنيف العالمي. وقد ردَّ وكيل الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي الأستاذ الدكتور علي الغامدي على ذلك التقرير، الذي نشرته "سبق" مؤخراً. وأعرب عدد من أعضاء هيئة التدريس بجامعة الملك سعود ل"سبق" عن امتعاضهم مما ذكره الغامدي في رده على تقرير مجلة "ساينس" الأمريكية، واتهامه المجلة بذكر مغالطات ومعلومات غير الصحيحة وترجمة مقالات الدكتور محمد القنيبط.. وتساءلوا عما قدَّمته جامعة الملك سعود للمجتمع بعد أكثر من أربع سنوات من مجيء الإدارة الجديدة؟ هل سيارة "غزال" هي منتهى الطموح الأكاديمي، وحتى هذه الكلمة "غزال" أصبحت فضيحة لكل منتسب للجامعة، كفضيحة إحضار الفائزين بجائزة نوبل – على حد قولهم -. وتطرق أعضاء هيئة التدريس إلى الأبحاث العلمية، وقالوا إن سياسة جامعة الملك سعود في دعمها لا تزال غير واضحة؛ فهي تطلب من الأساتذة شراء أبحاثهم من الآخرين – كما يقول الدكتور محمد القنيبط - حيث يُعطي الأساتذة مبلغًا ضخمًا لباحثين أجانب؛ حتّى تُكتب أسماؤهم معهم بوصفهم باحثين مساعدين، ومن ثَمَّ يُكتب اسم جامعة الملك سعود في البحث، غير عابئين بشروط الأمانة العلمية ولا مهمة تطوير القدرات البحثية لأعضاء هيئة التدريس؛ فالمهم أن تُنشر أبحاث يُذكر فيها اسم جامعة الملك سعود؛ وذلك بسبب "لعنة التصنيف"، التي نحرت لها الجامعة الغالي والنفيس من القيم والمبادئ العلميّة - على حد قولهم -، والتي كشفتها مجلة "ساينس" الأمريكيّة مؤخراً. وذكر الأساتذة أن جامعة الملك سعود سنَّت هذه السُّنّة السيئة بفضيحة عالميّة للجامعات السعوديّة من خلال ما فعلته خلال السنوات الأربع الماضية؛ فبذلت الأموال الطائلة؛ لا لشيء إلا لأجل عينَيْ التصنيف! أمّا الباحثون الذين نأوا عن هذه الممارسات فيُعاقَبون بتخصيص مبالغ منخفضة جدًّا لأبحاثهم. وأجمع أساتذة جامعة الملك سعود في حديثهم إلى "سبق" على ارتباك سياسة البحث العلمي والقائمين عليها؛ فهي مرة تنفق الملايين؛ لتصميم برنامج "رائد"؛ لتشجيع الباحثين الجدد، ثم تلغيه دون أن تُعطي الباحثين مستحقاتهم كاملة، ثم تُصمِّم برنامج "داعم"؛ لدعم البحث العلمي، ثم تلغيه وتعيده بشكل يوضِّح مدى التخبُّط الذي تعيشه الجامعة؛ ما ساهم في ترك الكثير من الأساتذة البحوث وقاعات الدرس، وأصبحوا يركضون صوب المكافآت؛ فأحدهم حضر - دون أن يشارك - في سنة واحدة 12 مؤتمرًا علميًّا قريبًا من تخصصه وبعيدًا عنه؛ لا لشيء إلا ليحصل على تذاكر درجة أولى، وعندما انتُقدت الجامعة على ذلك ضيَّقت على الأساتذة الجادّين الذين يشاركون في المؤتمرات بدرجة غريبة، وهذا يبيِّن حقيقة الفوضى وعدم التخطيط الذي تعيشه الجامعة، بل إنّ بعض الأساتذة صُرف له قبل أربع سنوات أكثر من 600 ألف ريال بدل تذاكر سفر لمرة واحدة - على حد قولهم-. وقال الأساتذة إن ما يدور داخل الجامعة "تخبُّطات" يرونها، ولكنّهم يسكتون خشية أن "يُتقصَّدوا" من قِبل إدارة الجامعة. مؤكدين أنّ النجاح "الإعلامي" الذي حققته الجامعة كان وراءه مئات الملايين من الريالات بالإعلانات في الصحف السعودية؛ حتى تصمت عن كل انتقاد يمسها. وشددوا على وجود فوضى ماليّة وعدم تخطيط في إدارة الجامعة، ووجود مسافة شاسعة تفصل بينها وبين أعضاء هيئة التدريس. هذه التساؤلات والشكاوى طُرحت على إدارة جامعة الملك سعود؛ فذكر مصدر مسؤول فيها – تحتفظ "سبق" باسمه - أنه يحترم اختلاف وجهات النظر، وأن كل شخص له رؤيته الخاصة، وإدارة الجامعة اطلعت على تلك الادعاءات، وتريد إثباتات مادية لا تقبل الشك عن تلك الاتهامات التي ذُكرت. وأضاف المصدر: "قدمت إدارة الجامعة خلال أعوام الأربعة الماضية الشيء الكثير، وأغلبه موثَّق في موقع الجامعة الإلكتروني". وحول مخصصات سيارة "غزال"، و"الفرقعة" الإعلامية حولها، أكد المصدر أن الجامعة لم تقل - لا تصريحاً ولا تلميحاً - إنها ستنتج السيارة؛ لأنها ليست مصنعاً ولا خط إنتاج، لكنها تعاملت معها بوصفها مشروعاً أكاديمياً، وصممت السيارة بسواعد أبناء الوطن من الطلبة السعوديين المؤهَّلين. أما مخصصاتها فهي تُصرف وفق ميزانية محددة البنود ومعتمدة رسمياً، ولا يمكن أن تهدر؛ لأن هناك رقابة عليها مالية وإدارية من مختلف أجهزة الدولة المعنية. وأضاف: "هذه دعوة ل "سبق"، الصحيفة التي نقدرها ونثق بمصداقيتها؛ لزيارة مركز دراسات (غزال) بالجامعة، والتحدث مع المسؤولين والطلبة والمهندسين بكل حرية؛ لمعرفة الحقائق حولها". وبخصوص شراء الأبحاث أوضح المصدر المسؤول: "هذه ليست من ممارسات الجامعة، ولدينا علماء وباحثون سعوديون، نعتز بهم وبعطاءاتهم العلمية المميزة، ولسنا بحاجة إلى تلك الأساليب التي تؤثر في سمعة الوطن، وتقلل من قيمتنا الحضارية في نظر الآخرين". وحول ما يتردد عن منح أموال للفائزين بجوائز نوبل؛ للتعاون مع الجامعة قال: "أعتقد أن علماء وباحثين عالميين حازوا جوائز نوبل لديهم كرامة واعتزاز بعلمهم، ولا يقبلون أن تقدَّم لهم رشاوى بأي شكل كان، ويحرصون على سمعتهم العلمية كثيراً، وتعاون الجامعة معهم محدد بأُطر ومعايير علمية، وبهدف التعاون البحثي المشترك، وتقديم الاستشارات الأكاديمية والعلمية للجامعة، والإشراف على طلاب الدراسات العليا والدورات التدريبية للباحثين، والتعاون في أبحاث ما بعد الدكتوراه، وتسهيل التعاقد مع أعضاء هيئة التدريس والباحثين والأساتذة.. فعلى سبيل المثال تم التعاون مع الجراح العالمي للقلب الدكتور مجدي يعقوب، الذي أضاف الكثير، وأفاد الطلبة السعوديين في مجال أبحاثه". وأشار المصدر إلى ما تحقق من زيادة في أعداد ونوعية براءات الاختراع، التي سُجِّلت خلال السنوات القليلة الماضية. وأكد المصدر المسؤول أن لدى الجامعة دلائل ووثائق وبراهين بالأرقام، التي لا تجامل ولا تخطئ، لكن "يجب أن يُخاطَب العاقل بما يُعقل".