كانت حقيقة مُرة ومؤلمة أن يأتي تصنيف جامعاتنا في ذيل قائمة الجامعات العالمية. ولكنها إن لم تكن حقيقة للبعض فهي لمن يعمل في الجامعة ويرى عن كثب مستواها ومستوى الطلبة والطالبات يدرك أنها بالفعل واقع نعيشه. ورغم معرفتنا تلك الحقيقة والتي مازالت متداولة بين العامة. الا أننا وكما يبدو بدأنا نمارس عملية تضليل وتزيين للحقيقة المؤلمة، بل وعملية إنكار وتغطية المستور والمخفي بورق السولفان، وذلك ما فعلناه عندما أعلنا أن تصنيفنا الآن يأتي السابع. ولم يمض على التصنيف السابق ما يكفي للرفع من مستوى جامعاتنا ونحن نعرف ان تطور التعليم يحتاج لسنوات وسنوات. المهم المؤلم أن نأتي في مقدمة جامعات ودول عُرفت بعراقة جامعاتها. والمضحك أننا نبعث شبابنا للدراسة عندهم كفرنسا وهولندا. وإذا كانت هذه الدول ممثلة في جامعاتها تأتي بعدنا في القائمة. فلماذا لا ترسل هي شبابها للدراسة في جامعاتنا مادمنا أفضل منهم؟. إنها نكتة سخيفة فيها ضحك على الذات وهي في حد ذاتها لو قبل بها العامة لدلت على ضعف في التفكير، وبالتالي ضعف في التعليم الذي لا يعلّم التفكير الناقد والربط والاستنتاج. والحقيقة التي لابد ان نواجهها ونعترف بها ونجد لها الحلول هي ليست عملية دفاع نفسي مريض وحيلة نفسية خادعة نمارسها بشكل جماعي. إن أي تغيير وتطوير للتعليم لابد أن يهمنا نحن بالدرجة الاولى وليس هدفه صورتنا امام العالم. ثم إن المواجهة والتغيير لتعليمنا الجامعي لا يبدآن من الجامعة فقط كما نفعل الآن بمشروع التقييم والاعتماد الاكاديمي. .تغيير التعليم وهو شريان الحياة في أي مجتمع هو تغيير ثقافي جذري يبدأ من مراحل التعليم الأولى منذ مراحل رياض الاطفال. مافائدة تغيير الطالب او الطالبة في المرحلة الجامعية؟ لقد استوى العود وبنيت طريقة التفكير. ورُسمت معالم الشخصية من حيث القدرة على العطاء والتحمس للعلم وطريقة تنظيم الوقت. كيف بالله نطوي السنوات الأهم في حياة الفرد؟ ونحن نعرف وبناءً على نظريات تربوية أن معظم سلوك الطفل يتشكل في الخمس سنوات الأولى من حياته. ان أمامنا هدفين إما ان نحاول تحسين التعليم الجامعي كما نفعل الآن وهذا مشروع لن ينجح وهدفه واضح وهو محاولة الخروج من ذيل القائمة لتحسين صورتنا أمام العالم. وإما الهدف الأكثر نجاحاً والأكثر مصداقية ومنطقية وهو البداية في تحسين التعليم منذ الروضة. وهذا مشروع جبار يتناول الإعداد الجيد للمعلم الذي هو أساس العملية التربوية وتطوير المناهج وطرق التدريس حتى نصل الى مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال.