اعتبر وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي ان الوقت حان لمجلس الامن لكي يتحرك ويدين القمع الدامي الذي يمارسه النظام السوري بحق المعارضين له، فيما أكد السفير الفرنسي في الاممالمتحدة جيرار ارو ان مجلس الامن «يتحمل مسؤولية معنوية عما يحصل اليوم في سورية». وجاء الموقفان الفرنسي والالماني متزامناً مع اعلان المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة نافي بيلاي ان عدد القتلى في سورية زاد عن خمسة آلاف قتيل، متحدثة عن دلائل على «جرائم ضد الانسانية» في سورية، وهو ما اعتبرته سورية بمثابة «فخ» لتسهيل الطريق امام تدخل دولي في الازمة السورية. وقال الوزير الالماني في تصريح صحافي «اعتقد انه بات من الضروري لدول مجلس الامن التي لا تزال مترددة ان تغير رأيها. انا مصدوم بالفعل لما اسمعه عن الفظاعات التي ترتكب في سورية». وأضاف بعد ان التقى بيلاي في مقر الاممالمتحدة في نيويورك «اعتقد ان هذا ما يجب علينا ان نقوم به من اجل الذين يعانون من هذا القمع في الوقت الحاضر ومن اجل الذين فقدوا ارواحهم». ولا يزال مجلس الامن عاجزاً عن الاتفاق على قرار يدين القمع في سورية بسبب التهديد الروسي والصيني باستخدام حق الفيتو. وأكد السفير الفرنسي في الاممالمتحدة جيرار ارو ان مجلس الامن يتحمل مسؤولية معنوية عما يحصل في سورية. وقال ارو إن «فرنسا واعضاء آخرين في مجلس الامن يعتبرون ان صمت المجلس يشكل فضيحة». وأضاف «انه امر شائن الا يتمكن المجلس من التحرك لممارسة ضغط على السلطات السورية بسبب معارضة بعض اعضائه ولامبالاة البعض الآخر». وحول خطاب بيلاي امام مجلس الامن قال ارو «انه العرض الأكثر فظاعة الذي سمعناه امام هذا المجلس منذ عامين على الاقل»، مضيفاً ان «الوضع في سورية فظيع ومرعب». وصرح السفير البريطاني لدى الاممالمتحدة مارك ليال غرانت «نعتقد الآن ان على المجلس ان يتحرك»، مؤكداً «الدور القيادي» لجامعة الدول العربية في تحديد التحرك في شأن سورية. وقال «نحن على اتصال مستمر مع السفراء العرب في نيويورك وكذلك على مستوى العواصم في المنطقة، وفي ضوء قراراتهم خلال الأيام المقبلة سنقرر كيفية تحركنا في مجلس الأمن وموعده». بدوره، قال السفير الالماني في المنظمة الدولية بيتر فيتيغ «من غير المقبول ان يدان المجلس على بقائه صامتاً». وأوضحت روزماري ديكارلو مساعدة سفيرة الولاياتالمتحدة لدى المنظمة الدولية ان ما عرضته بيلاي «اثار توتراً كبيراً»، وأضافت «نعتبر ان التزام مجلس الامن الصمت خلال الاشهر الاخيرة هو امر غير معقول». وكانت بيلاي حذرت مجلس الأمن من «أنباء مثيرة للقلق» عن تحركات عسكرية حول مدينة حمص. وأوصت بيلاي مجلس الامن بإحالة «الجرائم ضد الإنسانية» المرتكبة في سورية الى المحكمة الجنائية الدولية. وقالت في إحاطة خلال جلسة مغلقة لمجلس الامن إن عدد القتلى في سورية زاد عن خمسة آلاف. وأبلغت بيلاي مجلس الأمن أن أكثر من 14 ألف شخص اعتقلوا وأن 12 ألفاً على الأقل طلبوا اللجوء في بلدان مجاورة وأن عشرات الآلاف أصبحوا من المهجرين داخلياًَ. وقالت إن معلوماتها تستند الى شهادات أدلى بها نحو 230 شاهداً. وعن الوضع في مدينة حمص قالت بيلاي إن «الدبابات تقطع الطرق والقناصون يستهدفون المدنيين» في المدينة التي تعاني أزمة غذاء ووقود. وأشارت الى «استخدام المستشفيات مراكز تعذيب» محملة الحكومة السورية مسؤولية الانتهاكات. وقالت إنه «بناء على الأدلة والممارسة الواسعة والممنهجة للقتل والتوقيف التعسفي وأعمال التعذيب شعرت بأن هذه الأعمال ترقى الى جرائم ضد الإنسانية وأوصيت بأنه يجب أن تحال على المحكمة الجنائية الدولية». في المقابل اتهم السفير السوري في الأممالمتحدةبشار الجعفري بيلاي بتقديم تقرير «غير منصف وقائم على التضليل وتحريف الوقائع» المستندة الى «شهادات منشقين وحسب» وأنها تجاهلت 16 تقريراً قدمتها الحكومة السورية الى الأممالمتحدة حول المجموعات المسلحة والمتطرفين الذين «تمولهم وترعاهم الدول الغربية في مجلس الأمن ودول عربية». وانتقد الجعفري وصف بيلاي الوضع في سورية بأنه يقترب من «حرب أهلية». واعتبر «أنهم يريدون أن يقودوا الاوضاع باتجاه حق التدخل الإنساني لتثبيت مقولة وجود أزمة إنسانية في سورية ليبرروا تدخلهم». وأضاف الجعفري أن هذا «الكلام غير مسؤول ويقود المنطقة باتجاه الانفجار» وأن «الحل يجب أن يكون سورياً وفق المبادرة العربية». واعتبر أن مهمة جامعة الدول العربية هي «دفع المعارضة المتطرفة الخارجية باتجاه الانخراط في الحوار الوطني الشامل». وشدد على أن جلسة مجلس الأمن كانت جزءاً «من مؤامرة كبيرة تحاك ضد سورية» وأن بيلاي «سمحت لنفسها بأن تستغل لتضليل الرأي العام». وقال السفير الروسي فيتالي تشوركين الذي يرأس مجلس الأمن الشهر الجاري إن «التدخل الخارجي في سورية قد يؤدي الى حرب أهلية وسقوط عدد أكبر بكثير من القتلى». ولفت الى أن بيان مجلس الامن في آب (أغسطس) الماضي «شدد على تسوية الوضع في سورية في إطار عملية سياسية يقودها السوريون أنفسهم عبر الحوار». وأضاف أن بعض أعضاء المجلس غيروا لهجتهم إزاء سورية، وهم يتحدثون عن تغيير النظام في دمشق ويدعون الى الكف عن الحوار».