«جامعاتُنا بلا شبيحة»، «عصيانُ الشوارع»، «خبّي قرشك الأبيض لإسقاط نظامك الأسود»، «شخابيط ثورية»، و»لا تدفع فواتير الكهرباء»... عناوين مشاريع العدد الثامن من «روزنامة الحرية» الدمشقية لهذا الشهر، والتي تتخللها كالعادة مفاجآت عدة. بدأت المفاجآت الثورية لهذا العدد بحقن الصمغ في أقفال المراكز الحكومية في منطقتي ركن الدين والسويقة، وشارعي برنية و29 أيار، لإقفال الأبواب على «من يقفل علينا أبواب الحرية» كما أشارت صفحة «أيام الحرية» على موقع «فايسبوك». وتتناول «الروزنامة» سلسلة فيديوات تثقيفية تعدّها مجموعة «ثورة بلا بواريد»، لإعطاء نصائح ومعلومات حول الاعتقال من البيت أو في أثناء التظاهرة، وذلك لإرشاد الناشط إلى ما يجب عليه فعله قبل وخلال التحقيق، إضافة إلى محاولة إعداده لما ينتظره في الفرع الأمني. «بعد شهر من العمل، وُلد العدد الأول من «روزنامة الحرية» في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بتكاتف مجموعات النّضال السّلمي، والحاجة التي أضحت ملحّة للعمل ضمن إطار واحد»، وفق إحدى الناشطات ضمن فريق «أيام الحرية». وتقوم «روزنامة الحريّة» على الفكر السلميّ، واعتماد النّضال اللاّعنفي، متوجهةً في شكل رئيسيّ إلى الفئة «الصامتة» من السوريين، إذ توفّر لهذه الفئة منفذاً أكثر أماناً للمشاركة في الحراك الثوري، نظراً إلى الضغط الأمني المشدّد على العاصمة. وتنقسم المشاريع في «روزنامة الحريّة» إلى ثلاثة أقسام: التوعية البصرية في شكل أفلام مُحمّلة على موقع «يوتيوب»، مثل سلسلة «شخابيط ثورية»، إضافة إلى مشاريع وفعاليات موجهة إلى الجمهور، لتكون جزءاً من حراك «أيام الحرية» مثل فعالية «سكون وسط العاصمة» التي دعت المشاركين إلى الوقوف ساكنين في إحدى الساحات المُكتظّة بدمشق، وفعاليّة ارتداء الأسود في الجامعات اعتراضاً على اقتحامها من قبل الشبيحة إثر تظاهرات حاشدة انطلقت منها، وبعض المفاجآت الثورية كتغيير أسماء المدارس واستبدالها بأسماء شهداء الثورة. عن آلية العمل، تقول الناشطة في «أيام الحرية»: «نبدأ باستقبال الأفكار، ثم ننظمها، وتجتمع لجنة المشاريع مرات عدة لاستكمال التصوّر الذي ستطرحه الروزنامة المقبلة، ويدرس مندوبو اللجنة الميدانية إمكان تطبيقها على الأرض، فيما يبحث شباب اللجنة الإعلامية في طريقة تسويق الفكرة لتصل إلى أكبر عدد من المتلقّين». وتصدر «أيام الحرية»، بالتعاون مع موقع «المندسّة»، قوائم بالشركات المتعاونة مع النظام لمقاطعتها واستبدالها بمنتجات الشركات ال «صديقة للشعب». ومن المشاريع الأبرز ل «الروزنامة»، والتي علقت في أذهان السوريين، صباغة عدد من «بحرات» دمشق باللون الأحمر، تعبيراً عن حزنها على الشهداء، في تشرين الأول الماضي، كساحات باب مصلّى، المرجة، المزرعة والبطيخة، إضافة إلى تشغيل مكبّرات صوت تصدح بأغاني الثورة، بدءاً من ساحة عرنوس، يوم وقفة العيد في آب (أغسطس) الماضي، لتنتشر منها إلى جامعات دمشق وأسواقها، فتصل أخيراً إلى داخل مديرية المالية! «تؤدي هذه المفاجآت الثورية دوراً في كسر الخوف من القبضة الأمنية، كما أنها وسيلة لتثبيت الفريق الناشط على الأرض، ولفت انتباه السوريين، لنصل تدريجياً إلى العصيان المدني»، يقول ناشط حائز شهادة في الدراسات العليا، ويعمل مع الفريق من دمشق. وعن سبب انضمامه إلى «أيام الحرية»، يقول: «كان نشاطي مشتّتاً بين تنسيقيات ثلاث، فأردته أن يكون معارضاً ممنهجاً، ولأن الروزنامة تجمع غالبية مجموعات الحراك السلمي، ولها استراتيجية ونشاطات تراكمية، فقد وجدت نفسي فيها». وتضمّ شبكة «أيام الحريّة» كلاً من مجموعات «أمان وتوازن»، و»الحراك السلمي السوري»، و»حركة17 نيسان للتغيير الديموقراطي في سورية»، و»الأسبوع السوري»، و»المندسّة السورية»، و»أحرار»، و»ثوار الشام»، و»الحراك السلمي من أجل دولة مدنية»، و»العصيان المدني»، و»دعم». كما تشارك مجموعات عديدة في تنفيذ خطة معينة، أو تحجزُ نشاطاً ل «يوم حريّةٍ» على «الروزنامة» من دون أن تكون منضوية بالضرورة في «أيام الحرية» رسمياً. تتراوح أعمار العاملين في «الروزمانة» بين العشرين والأربعين عاماً، طلاّب جامعيون وخريّجو كليّات مختلفة. كما يعمل مع الفريق عشرة تقنّيين متخصّصين في التصميم والمونتاج والتصوير، إضافة إلى الفرق الخاصة بكل مجموعة من مجموعات «أيام الحرية». ويؤدي المغتربون السوريون «دوراً لا يقلّ أهميةً عن دور أي شاب ينفذ نشاطات نوعية في الداخل»، وفق الناشطة الرئيسية في «أيام الحرية». وعن دورهم في الروزنامة، تشير إلى أن «بعضهم يعمل في فريق المالتيميديا (الإعلام متعدد الوسائط) والتصميم، ويساهم آخرون في الترويج لنشاطاتنا لتصل إلى أكبر شريحة ممكنة من الناس، إضافةً إلى المساهمة في الأفكار والطروحات وتنفيذ المشاريع ذات الطابع التثقيفي، ويشارك المغتربون في تنسيق العمل بين نشطاء الداخل لضمان أمنهم كنشطاء ميدانيين». ويبدو أن هذه الآلية ضمنت ألاّ يُعتقل أي من نشطاء «أيام الحريّة» خلال أدائهم نشاطاتهم الميدانية، إلا أن العديد منهم اعتقل أثناء المشاركة في التظاهرات. وعمّا إذا كانت نشاطات الشبكة كافية لإحداث تغيير جذري في سورية، يقول الناشط الذي أكمل دراساته العليا: «قد تبدو نشاطاتنا محدودة، بالمقارنة بالتظاهرات في بعض المحافظات، لكنها، في دمشق، تؤدي دوراً مهماً في جذب المحايدين وكسر جمود الخوف». ويضيف: «خيارنا هو العصيان المدني، نعرف أنه يحتاج إلى صبر ووقت، لكنه الحل الأنسب، والأقلّ كلفةً لنستعيد بلدنا». توافقه زميلته الناشطة: «نعلم أن التظاهر، ومفاجآتنا ومشاريعنا لا تكفي، لكنّنا، في أيام الحرية، نعتبر أن عدوّنا هو فكرة، وكما كانت الفكرة بأن الثورة في سورية مستحيلة، وانتصرنا عليها، نحن الآن نحارب فكرة أن العصيان المدني غير قابل للتطبيق».