أنقرة - «الحياة»، رويترز - قالت تركيا أمس إنها ستبدأ تصدير السلع بحراً إلى مصر وبراً إلى العراق في مسعى لتجنب الممرات التجارية الحالية عبر سورية في أعقاب تدهور العلاقات بين البلدين وتصاعد أعمال العنف في جارتها الجنوبية. كما قال وزير الاقتصاد التركي ظفر جاغليان إن دمشق بدأت بالسماح للشاحنات التركية بدخول سورية أول من أمس بعد منعها من الدخول الأسبوع الماضي رداً على العقوبات التي فرضتها أنقرة على سورية. وتبحث تركيا عن طرق تجارية جديدة للشرق الأوسط منذ أن ساءت العلاقات إثر تصعيد أنقرة انتقاداتها للرئيس بشار الأسد نتيجة قمع انتفاضة شعبية اندلعت في آذار (مارس). وقال جاغليان لقناة «سي.إن.بي.سي-أي» التركية: «من اليسير جداً تجنب سورية لكننا فضلنا ألا نفعل ذلك. لا نزال نريد نقل تجارتنا عبر سورية والسماح للاقتصاد السوري بتحقيق مكاسب مادية من ذلك. لكنهم أرادوا الأمر على هذا النحو. أقول مرة أخرى مهما فعلوا فإنهم سيعانون أكثر من تركيا في كل مرة. لا يتحتّم علينا المرور بسورية إذا أردنا تجارة مع الشرق الأوسط والخليج، فلدينا خطة (أصلية) وخطتان بديلتان جاهزتان بالفعل». وقال جاغليان إن سفن الشحن ستبدأ السفر بين ميناء مرسين بجنوب تركيا على البحر المتوسط وميناء الإسكندرية المصري اليوم. كما ستبدأ الشاحنات العبور إلى العراق. وكانت تركيا أعلنت الأسبوع الماضي قائمة من العقوبات الاقتصادية على سورية قالت إنها ستستهدف الحكومة بما في ذلك تجميد الأصول الحكومية وفرض حظر على سفر كبار المسؤولين إضافة إلى تعليق المعاملات المالية. وردّت سورية مطلع الأسبوع بتعليق اتفاقية للتجارة الحرة بين البلدين وبفرض رسوم جمركية 30 في المئة على جميع الواردات التركية ورسوم باهظة على الوقود والشحن. وقللت تركيا من القرار السوري، قائلة إن الشعب السوري سيكون المتضرر الأكبر. وأضاف «بمجرد أن بدأنا تنفيذ الخطوات (لفتح ممرات جديدة) مساء أمس بدأت الحكومة السورية على الفور بالسماح لشاحناتنا بالمرور». وتركيا شريك تجاري كبير لسورية وبلغ إجمالي حجم تجارتهما الثنائية نحو 2.5 مليار دولار العام الماضي. وقال جاغليان هذا الأسبوع إن أكثر من عشرة في المئة من واردات سورية في 2010 جاءت من تركيا في حين لم تشكل الواردات من سورية سوى 0.3 في المئة من إجمالي الواردات التركية. وكان جاغليان أعلن في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) أن في الوقت الذي زادت الصادرات إلى سورية بنحو أربعة في المئة في الأشهر التسعة الأولى من 2011 أظهرت أرقام تشرين الأول (أكتوبر) وتشرين الثاني تراجعاً مقداره عشرة في المئة مقارنة بالعام الماضي إذ أدت زيادة العنف إلى وقف الشركات التركية لصادراتها. وهناك مئات من سائقي الشاحنات ضحايا للتوتر بين البلدين، الكثيرون منهم عالقون على الحدود في وضع يشكل خطراً على التجارة بين تركيا والشرق الأوسط. وأعرب أحد موظفي الجمارك التركية في معبر جيلفيغوزو الحدودي عن امتعاضه من أن «نحو 500 شاحنة عالقة في الجمارك السورية». وأضاف الموظف «أنهم لا يسمحون بعبور سوى من يعرفونه وفقط من يتكلم العربية». وبعدما علقت دمشق العمل باتفاق تجاري مع تركيا، زادت في الرسوم الجمركية على الواردات التركية بنسبة 30 في المئة. وأوضح روحي إنجين عثمان رئيس جمعية شركات النقل الدولية ومقرها في اسطنبول أن «700 شاحنة متوجهة إلى الشرق الأوسط عبر سورية تنتظر منذ ثلاثة أيام عند الحدود». وأكد أن السلطات السورية تتسبب في تأخير إجراءات دخول الشاحنات التركية بذريعة عطل في أجهزة الكمبيوتر. وفي جيلفيغوزو، قال سائق شاحنة تركي إن السوريين يطلبون رشى لعبور الحدود. وتابع «يطلبون رشى ورفعوا أسعارهم مئة في المئة ويتعين علينا دفع 920 دولاراً مقابل العبور، وبما أننا لا نستطيع الانتظار ندفع المبلغ، لكنها 920 دولاراً خسارة لشاحنة فارغة». واشتكى سائق شاحنة آخر بالقول إن السوريين «يعتبرون الآن الأتراك أعداء بينما كانت صداقة تربطنا قبل ذلك». وأكد عبدالقادر جكماظ من جمعية المصدرين في جنوب شرق الأناضول أن التوتر بين البلدين «يهدد في شكل خطير» الاقتصاد الإقليمي. وأوضح «أصبحنا لا نستطيع إرسال بضائع إلى بلدان الشرق الأوسط» بينما تشكل سورية طريقاً مهماً في المبادلات التجارية. وقد صدّرت تركيا بضائع ومنتجات إلى سورية تقدر بنحو 1.8 مليار دولار (1.3 مليار يورو) خلال 2010 بينما استوردت من سورية بضائع بقيمة 663 مليون دولار تشكل 0.3 في المئة فقط من مجمل الواردات التركية. وأكد عثمان أن صادرات تركيا إلى الشرق الأوسط بلغت 2.5 مليار دولار. وتقول أنقرة إن سورية هي التي تعاني أكثر من هذا الوضع، لكن رجال الأعمال الأتراك لا يوافقون ذلك.