ترى دراسات سياسية أن عملية تحول النظام تمر بثلاث مراحل هي: اعتلال النظام، ثم التحول نحو الديموقراطية، ثم الاستقرار الديموقراطي. وتتضمن المرحلة الأولى تفكك وربما انحلال النظام القديم، بينما يتضمن التحول استبدال البنى والأساليب القديمة بأخرى جديدة، أما مرحلة الاستقرار فتحل عندما تصبح هذه البنى والأساليب الجديدة مستقرة متماسكة ومنسجمة مع الوعي الجمعي العام للمجتمع. هذه المراحل متمايزة منطقياً، ولكنها غير متمايزة على الدوام زمنياً، وتتسم بالتداخل في ما بينها حتى عندما تكون القوى الدافعة لها مختلفة. ويبدو ذلك جلياً في مرحلتي الاعتلال والتحول، فحين تكون إزاء قوى سياسية مدجنة تكون حصيلة فعل القوى الأساسية الفاعلة في الموجة الثالثة للديموقراطي صفراً، ودلت التجربة على أن القوى الديموقراطية في هذه المرحلة لم تحقق نجاحاً قبل اندحار القوة السلطوية أو سقوطها. هذا لا يعني أن مرحلتي إسقاط الحكم السلطوي وقيام النظام الديموقراطي حصيلة واحدة مؤكدة. فلا يقود اعتلال الحكم السلطوي بشكل حتمي إلى نظام ديموقراطي، وفي معظم الحالات أعقب سقوط أنظمة حكم سلطوية حلول أخرى مشابهة لها. ومع ذلك، فالعمليتان مترابطتان بشكل وثيق، وباستثناء تلك الحالات التي يتم فيها استبدال نظام سلطوي بآخر ديموقراطي (نتيجة تدخل خارجي أو حرب أهلية، وهذا الشيء نادر الحدوث)، فلا بد أن يسبق انبثاق نظام ديموقراطي مرحلة اعتلال للنظام السلطوي. هذا الأمر يخلق أو يطرح سؤالاً خاصاً بالحدود الزمنية للمرحلتين: متى تنتهي مرحلة الاعتلال وتبدأ مرحلة التحول إلى الديموقراطية؟ لا يوجد ثمة جواب عن هذا السؤال، ولا معنى تقريباً للبحث عن ذلك، لأنه في الحالات الناجحة للتحول يكون الاعتلال جزءاً أساسياً مكوناً وضرورياً للعملية، وفي حالات فشل التحول (أي عندما يكون النظام قادراً على تدعيم نفسه، أو يستبدل بنظام سلطوي آخر) تصبح القضية غير مطروحة. * كاتب فلسطيني