تتعرض قائمة طويلة من نجوم الدراما العربية والمسرح إلى «شباشب» تصفع وجوههم يومياً نتيجة تصريحات لهم مؤيدة لأنظمة حاكمة مغضوب عليها في مصر، تونس، ليبيا، وأخيراً سورية، على رغم أنهم كانوا جزءاً مؤسساً لثورات «الربيع العربي» من خلال مسلسلات ومسرحيات نقشت في العقل الباطن فكرة بطولية التمرد على كل ظالم. حقنت الدراما العربية - خصوصاً السورية - في عمق اللاوعي العربي صفحات نضال شعبي عربي ضد سلاطين وجيوش تحكم الشعوب بأفواه البنادق، ومنصات المشانق، كان العرش دوماً تركياً أو إفرنجياً هرباً من مقص الرقيب، وزنزانات الاستخبارات، كانت الشعوب دوماً تنتصر. استطاعت الدراما العربية خلال سنوات عشر رفع مستوى الغضب الداخلي في جسد كل عربي تجاه مؤسسات حاكمة قامت بقطع طريق لقمة العيش الكريم، وحولت حقوق الشعوب إلى هبات يتم نيلها بالركوع، كما أكدت على أن اغتصاب ثروات الأوطان مكر لا يحيك إلا بأهله. فتح «باب الحارة» عيون أهل الشام على أن الوطن كرامة وليس مساحة، وأن للسلطة أبناء بررة يمسون بشراً ويصبحون شياطين، وكذلك فعلت مسلسلات أخرى، ووصلت إلى أن الأرصفة إذا تحركت تسقط عروش، وإذا تمادى الطغاة يحفرون قبورهم بأيديهم. ركضت الدراما العربية بشعوبها نحو قناعات جديدة، من دون أن تشعر الأنظمة الحاكمة بوجود من يدق مسامير جديدة في نعشها، وأحياناً تدفع وزارات الإعلام ملايين الدولارات للنجار والناعي. كان العنوان العريض لا مساس بالأرض أو العرض، أيضاً قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق. تكاثرت «الشباشب» واللعنات على رؤوس نجوم دراما جسدوا بوعي كامل صورة للثائر العربي، قال كثير من نجوم الدراما بفنه ما لم تستطع لسانه تحت سماء مكتظ بشهب لمؤسسات قادرة على إرسال طلقة طائشة نحو جمجمته، أو قلب طفلته. مارست الدراما العربية تذكيراً متقناً للأحفاد بأن الأجداد قايضوا الفقر في مقابل الحرية، وظلم القريب في مقابل جبروت الغريب، وأن بعض حواري المدن الكبيرة كانت موطناً لملاحم ضد الظلم، وأرض سقاها الأجداد بدماء الأجساد وأصوات الحريات فنبتت أوطاناً، وعاش إنسان تورط لاحقاً بظلم توريث غضب عربي صنعه أبطال وحصده أنذال. يتشرب بعض الدم العربي سم محاباة السلطة ضد الوطن، قد يكون بعض نجوم الدراما مصاباً بفيروس نفاق السلطة، كبقية عشاق لحس بلاط العروش، لكنهم وفق وعي كامل أو جزئي، كانوا جزءاً من ورشة نجارة صممت توابيت تمتد من تونس إلى دمشق، مروراً بصنعاء، وجزء من نيران هادئة أشعلت لاحقاً ساحات الحرية. كانت مسرحية «كأسك يا وطن» مفعمة بسم فاعل وبطيء، ذهب السم في كل جسد شاربه، وتناست «الشباشب» الساقطة على رأس دريد لحام أنه كان الساقي لأنه خرج ذات هفوة عن النص وقال «يا حبيباتي، لا تتزاهروا، أحنا بدنا بشار»، لكن طار كل تاريخ الرجل ضد الفساد، وأصبح يحترق في نار ثورة كان نافخاً لكيرها. [email protected] Twitter | @jeddah9000