أنقرة – «الحياة» - شهدت الانتخابات البلدية والمحلية في تركيا أمس، إقبالاً كبيراً، عكس أهمية هذا الاستحقاق الذي يشكّل استفتاءً جديداً على شعبية «حزب العدالة والتنمية» الحاكم في خضم الأزمة الاقتصادية، والذي يأمل رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان في ان يمنحه تفويضاً لاستكمال إصلاحات دستورية تُقرّب البلاد من الانضمام الى الاتحاد الأوروبي. ويصوت حوالى 48 مليون شخص لاختيار حوالى 93 ألف ممثل محلي (رؤساء بلديات وأعضاء مجالس بلدية وإقليمية) في 81 محافظة. وقاربت نسبة المشاركة في الانتخابات ال80 في المئة بحسب النتائج الأولية غير الرسمية، وهو ليس أمراً غريباً عن تركيا التي عادة ما تشهد انتخاباتها إقبالاً شعبياً كبيراً وصل الى مستوى قياسي خلال الانتخابات الاشتراعية الأخيرة في تموز (يوليو) 2007، حين بلغت نسبة المشاركة نحو 86 في المئة. وعلى رغم ان جميع استطلاعات الرأي تؤكد فوز «حزب العدالة والتنمية» الحاكم وبفارق كبير عن منافسيه (بين 40 و48 في المئة)، الا أن التحدي الحقيقي سيكمن هذه المرة في زيادة الحزب لشعبيته وأصواته، كي يحقق سابقة من خلال محافظته على زيادة أصواته منذ أول مشاركة له في الحياة السياسية عام 2002، حين حصل على نسبة 34 في المئة، ثم رفعها في الانتخابات البلدية التي تلتها عام 2004 الى 43 في المئة، والى 47 في المئة في الانتخابات الاشتراعية عام 2007، ليزيد بذلك من صعوبة مهمته ويرفع سقف التحدي هذه المرة. ولم تشهد عملية الاقتراع مشاكل جدية أو شكاوى، إلا ان شجاراً وقع بين أنصار مرشحين للبلدية في قرية ليجة ذات الغالبية الكردية في جنبو شرق تركيا، أدى الى مقتل 3 أشخاص وجرح حوالي 100 آخرين، إضافة الى مقتل شخصين في قارس وأورفه. ومن الملاحظ تراجع الاستقطاب الإسلامي - العلماني الذي كان يطغى على الحملات في الانتخابات السابقة، إذ ركز المرشحون هذه المرة على الملف الاقتصادي والأزمة المالية العالمية وكيفية حماية تركيا واقتصادها من تداعياتها، إضافة الى ملفات الفساد. واقترع اردوغان في اسطنبول حيث يقيم، فيما اقترع زعيم «حزب الشعب الجمهوري» المعارض دنيز بايكال في أنقرة الى جانب الرئيس عبد الله غول الذي يقترع للمرة الأولى وهو خارج «حزب العدالة والتنمية». وقال اردوغان بعد إدلائه بصوته: «قرار شعبنا سينبثق وكل الأحزاب السياسية ستحترمه». وكان رئيس الوزراء التركي قال الجمعة الماضي ان فوز حزبه بأقل من نسبة 47 في المئة التي حصل عليها في الانتخابات الاشتراعية عام 2007، سيُعتبر «هزيمة». ويأمل اردوغان في ان تمنحه الانتخابات دفعاً للمضي قدماً في الإصلاحات التي تطالب بها اوروبا، كي يزيل العوائق أمام انضمام تركيا الى الاتحاد، وفي مشروع «الدستور المدني» كبديل عن الدستور الحالي الذي وضعه الجيش بعد انقلاب 1980.