يتوجّه ملايين الروس اليوم، إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في مجلس الدوما (البرلمان) وسط توقعات بضعف الإقبال واتهامات حزب «روسيا الموحدة» الحاكم بارتكاب مخالفات واسعة لضمان مواقعه في الهيئة الاشتراعية الجديدة، بعدما أشارت استطلاعات رأي حديثة إلى تراجع شعبيته في البلاد. وتفتح المراكز الاقتراعية أبوابها صباحاً (الساعة الثامنة بتوقيت موسكو) أمام أكثر من مئة مليون روسي يحق لهم التصويت، الذي بدأ في بعض مناطق أقصى الشرق الروسي منذ منتصف ليل السبت – الأحد بسبب فارق التوقيت. وكانت روسيا شهدت أمس، ما يطلق عليه «يوم السكون» الذي تحظر فيه أنواع الدعاية الانتخابية، بعد حملة وصفها معارضو الكرملين بأنها كانت الأسوأ في تاريخ البلاد لجهة حجم الانتهاكات التي ارتكبت خلالها، وهي كانت في الوقت ذاته الحملة الأغلى ثمناً، إذ أنفقت الأحزاب المشاركة في السباق على مقاعد الهيئة الاشتراعية مئات الملايين من الروبلات، كان نصيب الأسد منها لحزب «روسيا الموحدة» الحاكم الذي تعرض لاتهامات بأنه استخدم مؤسسات الدولة وقدم «مكافآت» لكثيرين لشراء أصواتهم. وتشارك في المنافسة سبعة أحزاب مسجلة رسمياً، وهي إضافة إلى الحزب الحاكم، «الشيوعي الروسي» و «الليبرالي الديموقراطي» ذو التوجهات القومية و «روسيا العادلة» الذي كان قريباً إلى سياسات الكرملين لكن زعيمه سيرغي ميرونوف دخل في صدام حاد مع الحزب الحاكم منذ شهور، وحزبا «يابلوكو» و «برافويه ديلو» اليمينيان، و «وطنيو روسيا» هو حزب صغير ذو توجهات قومية. وتبدو فرص الأحزاب الثلاثة الأخيرة ضعيفة جداً في تجاوز حاجز السبعة في المئة الذي يؤهلها لدخول البرلمان الجديد، إذ منحت أحدث الاستطلاعات أقل من واحد في المئة لكل منها، لكن خبراء لم يستبعدوا أن يحقق أحدها على الأقل مفاجأة بسبب ميل روس كثر لمنح أصواتهم لأي من الأحزاب المشاركة بهدف حجبها عن الحزب الحاكم. أما الأحزاب الأربعة الكبرى فقد تصدرها وفق نتائج الاستطلاعات حزب «روسيا الموحدة» الذي حصل على نحو 57 في المئة، يليه الشيوعي الروسي 17 في المئة، و «الليبرالي الديموقراطي الروسي» 12 في المئة و «روسيا العادلة» 8 في المئة. وتعكس تلك الأرقام إن جاءت النتائج قريبة منها تراجعاً قوياً لمواقع الحزب الحاكم الذي يسيطر حالياً على ثلثي مقاعد البرلمان، البالغ عددها 450 مقعداً. وعزا خبراء سبب ذلك إلى حال الإحباط وخيبة الأمل اللتين تفشتا بعد إعلان ثنائي الحكم في البلاد (ديمتري مدفيديف وفلاديمير بوتين) نيتهما تبادل دوريهما في انتخابات الرئاسة المقبلة في آذار (مارس)، إضافة إلى أن روساً كثراً يحمّلون «روسيا الموحدة» الذي يتحكّم بمفاصل الحياة السياسية والاقتصادية في البلاد، مسؤولية عدم تحقيق نجاحات تذكر على صعيد السياسات الاجتماعية لتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين. ووفق توقعات مراكز الاستطلاع يمكن أن يحصل حزب «روسيا الموحدة» على 262 مقعداً في البرلمان الجديد في مقابل 315 حالياً، أي سيفقد الغالبية الدستورية اللازمة لاجتياز ال «فيتو» الرئاسي وإقرار القوانين المتعلقة بإجراء تعديلات على الدستور. كما يتوقع أن تحسّن الأحزاب الأخرى مراكزها، فيحصل الحزب الشيوعي على 82 مقعداً في مقابل 57 حالياً، والليبرالي الديموقراطي على 57 مقعداً في مقابل 40 حالياً، وروسيا العادلة على 49 مقعداً في مقابل 38 حالياً. مخاوف وتعبئة وتزايدت المخاوف من ضعف الإقبال على صناديق الاقتراع، وعلى رغم أن خبراء قريبين من الكرملين رجحوا أن يزيد حجم الإقبال عن 75 في المئة، عكست استطلاعات الرأي عدم حماسة الناخبين وتوقعت مركز دراسات الرأي العام ألا تزيد نسبة مشاركة الناخبين عن 58 في المئة. ودفع ذلك الرئيس مدفيديف الذي يترأس اللائحة الانتخابية لحزب «روسيا الموحدة» ورئيس الوزراء بوتين الذي يُعدّ «زعيم» الحزب إلى توجيه خطابين إلى الأمة حضا فيهما على الإقبال على الصناديق و «عدم الاستماع إلى جهات تحرّض على المقاطعة لأنها تعمل وفق أجندات تضر بمصالح روسيا»، كما قال بوتين في إشارة إلى دعوات زعماء اليمين الليبرالي إلى عدم المشاركة في «مهزلة الانتخابات» أو التوجّه إلى مراكز الاقتراع والتصويت ضد الجميع، كما اقترح رئيس الوزراء السابق ميخائيل كاسيانوف وبطل الشطرنج السابق غاري كاسباروف، وهما من أبرز زعماء اليمين الليبرالي الروسي ولم يسمح لهما بتشكيل حزب لخوض الانتخابات. وفي محاولة لمواجهة تدني نسب الإقبال، بدت التعبئة للانتخابات مختلفة وغير اعتيادية، إذ أعلن عن توجيه الجنود إلى التصويت في ثكناتهم من دون أن يجرى اطلاعهم على الحملات الانتخابية ما دفع بمعارضين إلى اتهام الحزب الحاكم بتسخير أصوات العسكريين لمصلحته. كما انضم رجال الدين إلى حملة حض المواطنين على الاقتراع. وأصدر ممثلو الطوائف الدينية بياناً اعتبره مراقبون بمثابة «فتوى لتحريم الامتناع عن التصويت»، قالوا فيه إن الامتناع عن التصويت «لا يمت بصلة إلى الحرص على المحافظة على الوطن، وتفرضه قوى لا تحظى بتأييد الشعب». إلى ذلك، اتخذت الجهات المختصة تدابير أمنية مشددة تحسباً لوقوع اعتداءات خلال عمليات التصويت. وأعلنت وزارة الداخلية أن عشرات الآلاف من رجال الشرطة والأجهزة الأمنية سيتولون حفظ النظام في البلاد خلال الاقتراع.