على مدى ربع قرن، كان أبو عامر يفيض حيوية ونشاطاً، يعرف مدينة بقيق «شبراً شبراً»، من خلال عمله في إدارة المياه، ويعرفه سكانها ب«أخلاقه الرفيعة واجتهاده في عمله». أما اليوم فمن النادر أن يرى أبو عامر الشارعبعد أن أقعده المرض عن الحركة، فيما يعيش وأسرته ظروفاً «مأسوية». وتسلل المرض إلى جسد أبو عامر تدريجياً، فتحول إلى «مُقعد» غير قادر على الحركة، وعاجز عن التحكم في نفسه، معتمداً على زوجته وابنته في تنظيفه وإطعامه وتغيير ملابسه وغيرها من شؤون حياته. لم تتركه زوجته «الوفية»، فقامت بالبحث عن عمل، لتغطي مصاريف الحياة، وإن بوظيفة بسيطة قد لا تغطي عوائدها مصاريف الحياة، من إيجار منزل وكلفة علاج زوجها، وحاجات ابنتها، وفواتير كهرباء وماء، وغيرها من مصاريف. وروت الزوجة، ل«الحياة» قصة زوجها وبصوت متحشرج، مصحوب بدموع الحزن والألم على الظروف «القاسية» التي تمر بها هذه العائلة. وتقول: «كان زوجي يعمل في إدارة المياه، وكان يتحدث دائماً عن حلمه بأن يوفر لنا حياة سعيدة، وبيتاً نملكه، فيما نعيش في منزل شعبي صغير مستأجر، وكانت حال زوجي الصحية جيدة، ولا يعاني من أي مرض». وتكمل الزوجة: «حضر من عمله في أحد الأيام، وأبلغنا أنه يشعر بثقل في اليدين والقدمين والحركة، وكانت هذه بداية المرض المفاجئ، ونقل إلى مستشفى الملك فهد الجامعي في الخبر، وأخبرونا هناك أن زوجي أصيب مبدئياً بمرض «الرعاش»، وبعد ذلك أصبح زوجي مقعداً، وأحيل إلى التقاعد، وبين فترة وأخرى تسوء حاله، وبعد فترة أصيب بألم شديد في البطن، ونقل إلى المستشفى، وأظهرت الفحوصات أنه مصاب بتليف الكبد، وأصبح لا يتحكم في التبول وعاجز عن الحركة». ولم يقتصر التدهور على صحة أبو عامر، بل طال ظروف أسرته المعيشية. وتضيف الزوجة البائسة: «أصبحت حياتنا تصعب شيئاً فشيئاً، وكنت أصرف من راتب زوجي التقاعدي، وهو لا يكفي، فبحثت عن وظيفة كي أعيل زوجي وابنتي، ووجدت وظيفة بسيطة براتب 1200 ريال تعيننا على دفع إيجار المنزل (سبعة آلاف ريال سنوياً)، وفواتير المياه والكهرباء، والمعيشة وعلاج زوجي».