بيروت - أ ف ب - بأقلامهم وأجهزة كومبيوتر نقالة وحس فكاهة يطوع أكثر الأحداث مأسوية، يروي رسامون من كل أنحاء العالم، وعلى رأسهم الفرنسي بلانتو، الثورات العربية... رواية تكلف بعض العرب منهم غالياً. ويقول بلانتو، رسام الكاريكاتور في صحيفة «لوموند» الفرنسية: «جميع الرسامين الذين يخاطرون بحياتهم هم نماذج للمقاومة الحقيقية... أعمال المقاومة هذه تغذي فكرنا الذي نحاول أن نعبّر عنه بالرسوم». ورسوم «المقاومة» هذه عرضها بلانتو في لقاء دعا إليه معهد الاستشراف الاقتصادي للعالم المتوسطي (ايبميد) الذي يتخذ من باريس مقراً، في المعهد العالي للأعمال في بيروت، وهي لرسامين منضوين ضمن جمعية «كارتونينغ فور بيس» (رسوم من أجل السلام) التي انشئت العام 2006. أحد هذه الرسوم بقلم بلانتو، يصور رسام الكاريكاتور السوري علي فرزات مضمّد اليدين وقد حمل قلماً في فمه وهو يقول «لتحيا الحرية». ومن المعلوم أن فرزات تعرّض في آب (أغسطس) الماضي بدمشق، لاعتداء بالضرب المبرح تسبب بكسر أصابع يديه وبجروح مختلفة. ويروي بلانتو أنه «قبل يوم واحد من تعرض فرزات للاعتداء، رأيت رسماً له يسخر فيه من (الرئيس) بشار الأسد، فاتصلت به وسألته هل رسمت ذلك في دمشق؟ فرد بالإيجاب، وقال إنه لا يزال في دمشق. هذه شجاعة نادرة». وبين الرسوم التي يعرضها بلانتو، واحد للرسام الليبي قيس الهلالي الذي جال برسومه الساخرة من الزعيم السابق معمر القذافي على كل جدران بنغازي، إلى أن تسببت هذه الرسوم بقتله. وعلى موقع «كارتونينغ فور بيس» الإلكتروني، رسم للكيني غادو حول مصر، وفيه ضابط مزين بالأوسمة، مكشوف الرأس، مع عنوان «مصر تحت مبارك»، ثم ضابط آخر بالبزة نفسها والأوسمة نفسها مغطى الرأس بقبعة عسكرية تصل الى العينين وعبارة «مصر بعد مبارك»، للدلالة على استمرار الحكم نفسه مقنّعاً. بينما يسخر التونسي «زد» (نسبة الى الحرف الأخير في الأبجدية بالفرنسية) من تصدّر الإسلاميين نتائج الانتخابات التونسية الأخيرة، فيرسم امرأة اثناء الولادة مع عنوان «أول ولادة لديموقراطية عربية»، وصحافياً يسأل الطبيب «قل لي دكتور، سيكون ملتحياً أم محجبة؟». ويقول بلانتو: «الثورات العربية تمكن روايتها بألف طريقة، الرسم هو إحداها»، مضيفاً أن «لغة الرسم تسمح بتخطي صعاب وحواجز كثيرة، وبفضل رسامين من العالم اجمع، تمكنّا من نقل عالم يغلي بالثورات بين أوروبا وافريقيا». قبل سنة من الآن، كان تصوير زعيم عربي بالكاريكاتور ضرباً من المستحيل. لكن منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي، تاريخ اندلاع الثورة التونسية، وحتى اليوم، سقطت محرمات كثيرة، فالرسوم الساخرة التي تنتقد الرئيسين السابقين التونسي زيد العابدين بن علي والمصري حسني مبارك والزعيم الليبي الراحل معمر القذافي والرئيسين بشار الأسد وعلي عبدالله صالح... جابت العالم بواسطة الإنترنت خلال الأشهر الماضية. وقال الممثل العام ل «ايبميد» جان لوي غيغو، معلقاً على عرض الرسوم: «كلما كان الوضع مأسوياً وجدت السخرية طريقة لتحويله الى كوميديا». وأضاف غيغو الذي يهتم معهده بتنمية التعاون الاقتصادي بين أوروبا والدول العربية: «ستكون هناك ديموقراطية على جانبي المتوسط، وسنبني المستقبل معاً».