بيروت - الحياة - حاضر وزير الخارجية الفرنسي السابق اوبير فيدرين صباح اليوم في "المعهد العالي للأعمال" ببيروت، حول "الوضع الجيوسياسي الجديد عالمياً واقليمياً وموقع لبنان فيه، في ظل الربيع العربي"، بدعوة من "معهد التوقعات الاقتصادية للعالم المتوسطي" و"المعهد العالي للأعمال"، وبالتعاون مع مجموعة "بادر" (برنامج الشباب المبادر). تحدث فيدرين فاستبعد ان "يطول الوضع في سورية الى حد التأثير على لبنان"، ورأى أن "النظام السوري يضعف نفسه أسرع فأسرع بسلوكه المرعب"، مشيرا الى ان "بعض السيناريوات" تلحظ إمكان "ان تؤدي روسيا دورا في الحل في سورية". وعرض فيدرين "الوضع الدولي العام منذ سقوط الاتحاد السوفياتي"، فلاحظ أن "الغرب تأخر 15 سنة ليفهم أن الدول النامية نمت فعلا، وأنها ليست أسواقا ناشئة بل قوى ناشئة لها أجندتها الخاصة". ورأى أن "العالم العربي ككيان لم يكن له، قبل الثورات الحالية، أي ثقل في هذا العالم الذي يتسم بالتنافس المتعدد القطب". وتوقع أن يؤدي "قيام أنظمة ديموقراطية وتتمتع بالمشروعية في دول المنطقة، الى تعزيز حضور العالم العربي على الخريطة الدولية واعطائه ثقلا أكبر، في حال تمت ادارة عملية الانتقال الى الديموقراطية بشكل جيد". واعتبر أن تعبير "الربيع العربي" غير ملائم، لأن "الانتقال من الديكتاتورية الى الديموقراطية ليس عملية سهلة وبسيطة كتفتح الأزهار في الربيع بل هو عملية طويلة ومعقدة". وأضاف "لا يمكن الانتقال من الديكتاتورية الى الديموقراطية بسهولة فالديموقراطية ليست قهوة سريعة الذوبان بل هي عملية طويلة، ففرنسا احتاجت الى 150 سنة لتنتقل من الانتخابات الأولى في العام 1795 الى اقتراع النساء في 1945". وذكر بأن "نشوء الديموقراطية في التاريخ الأوروبي كان عملية طويلة جدا ومعقدة ومرت بثورات دموية في غالب الأحيان وبمراحل توقف". وتابع "إن تعبير الربيع يوحي انها عملية واحدة في كل العالم العربي، في حين أن الوضع يختلف من دولة الى أخرى ويجب النظر الى كل حالة على حدة". وقال: "ان ما يحصل "عملية مهمة وواعدة وتحمل في الوقت نفسه مخاطر كبيرة، وهي عملية لن تتوقف في الاجمال، مع أنها قد تشهد توقفا موقتا هنا أو هناك". ورأى أن "حصول الثورات كان أمرا حتميا ولكن في الوقت نفسه لم يكن ممكنا توقعه". ولاحظ أن هذه الثورات "تثير آمالا ومخاوف متفاوتة، ومن بين المخاوف ما اذا كان في الامكان الانتهاء من ديكتاتورية من دون الوقوع في ديكتاتورية اخرى اسلامية". وقال: "حتى الآن، لا يوجد حزب اسلامي معتدل وصل الى السلطة بواسطة الانتخابات وغادر السلطة بعد أن خسر الانتخابات. قد يحصل ذلك ولكن حتى الآن لا دليل تاريخيا على هذا الأمر". واذ أشار الى أن "الأحزاب الاسلامية تفوز في الدول التي تشهد انتخابات"، اعتبر أن "مسألة الاسلام المعتدل في السلطة احتمال ممكن ولا سبب للقلق سلفاً بأن هذا لن يحصل". ولم يستبعد "احتمال ان تشهد الاحزاب الاسلامية التي تصل الى السلطة تحولا وأن تتمكن من ايجاد حلول للقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية". وقال: "قد نصل الى ديموقراطية اسلامية أو اسلام ديموقراطي يغير المجتمعات نسبيا ولكنه يتأثر أيضا بتغييرات هذه المجتمعات". واعتبر ان "النموذج التركي مهم جدا في هذا المجال". وأضاف: "في كل دولة، قادة الأحزاب السياسية أمام مسؤوليات تاريخية، اذ يمكنهم أن يستفيدوا من تجارب الغير كتركيا وغيرها، ولكن لا أحد يمكنه أن يتحمل المسؤولية عنهم، ولا حتى اي بلد عربي آخر". واعتبر فيدرين أن "من غير الممكن تطبيق المنطق العام للربيع العربي على منطقة المشرق العربي، فثمة عوامل عدة منها المسألة الفلسطينية والعامل الاسرائيلي". ورأى أن "آثار المأساة السورية على لبنان ليست جيدة طبعا ولكل كل شيء رهن ما سيلي، وسيكون الأمر مزعجا في حال طال الوضع أشهرا وتم استخدام لبنان للالتفاف على العقوبات او سوى ذلك". مضيفا "هذه الفرضية غير مرجحة، اذ يبدو أن النظام السوري يضعف نفسه أسرع فأسرع بسلوكه المرعب، وتاليا لا أرى أن الوضع سيطول الى حد التأثير على لبنان. ولاحظ أن "من غير المستبعد وفق بعض السيناريوات ان تؤدي روسيا دورا في الحل في سورية". غيغو يذكر أن المندوب العام لمعهد التوقعات الاقتصادية للعالم المتوسطي جان لوي غيغو عقد مؤتمر صحافيا شرح فيه أهداف IPEMED، فقال انه نشأ من منطلق "الحاجة الى قيام مجموعة تضم ال500 مليون أوروبي على الضفة الشمالية للمتوسط وال500 مليون عربي ومسلم الموجودين على الضفة الجنوبية في ظل العالم المتعدد القطب". ورأى أن "الدور الأهم في وصل ضفتي المتوسط، يعود الى رؤساء الشركات، لان التواصل الاقتصادي حاجة دائمة بغض النظر عن الوضع السياسي". وأوضح غيغو أن IPEMED "يضم 40 من رؤساء الشركات العالمية، بمعدل 20 من دول الضفة الجنوبية ومثلهم من الضفة الشمالية"، مشيرا الى أن عدد الأعضاء "سيرتفع الى مئة خلال سنتين، مناصفة بين الضفتين". وقال إن "بين أعضاء المعهد في الوقت الراهن ثمانية رؤساء شركات من لبنان، ويشغل رئيس جمعية الصناعيين نعمت افرام منصب نائب رئيس المعهد"، لافتا الى أن المقر المعتمد للمعهد في لبنان هو مقر مجموعة بادر". وشدد على أهمية وجود قانون للشراكة بين القطاعين العام والخاص في لبنان، وقال إنه بحث في هذا الموضوع خلال اجتماعاته في لبنان مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك وسواهما من المسؤولين. وكشف ان "المعهد يعكف حاليا على درس انشاء مصرف اورو - متوسطي". حداد وتحدث رئيس "بيبلوس انفستبنك" الوزير السابق سامي حداد فقال "نحن فخورون بأن نكون مع غيرنا من الشركات اللبنانية شركاء للمعهد". وشدد على "اهمية الحوار الاوروبي المتوسطي وتبادل الافكار"، وخصوصا أن اوروبا في ازمة اقتصادية في الوقت الراهن، بينما يشهد العالم العربي تحولا سياسيا". بلانتو وستافرو واقيم في المناسبة عرض لمشروع "الرسم الكاريكاتوري من أجل السلام" قدمه بلانتو رسام الكاريكاتور الفرنسي الشهير في صحيفة "لوموند"، مع الفنان اللبناني ستافرو جبرا. وكشف بلانتو أن رسام الكاريكاتور السوري علي فرزات، الذي تعرض في 25 آب الفائت لاعتداء بالضرب، والموجود حاليا في الكويت، سيتوجه الى باريس قريبا لتسلم جائزة من منظمة "صحافيون بلا حدود". استهلال الندوة وكانت الندوة بدأت بكلمات لرئيس المعهد العالي للأعمال (ESA) ستيفان أتالي الذي رحب بفيدرين. وأعلن المندوب العام لمعهد التوقعات الاقتصادية، جان لوي غيغو، أن المعهد يعنى "بالتقارب بين ضفتي المتوسط الشمالية والجنوبية ففي الشمال هناك ازمة اقتصادية وفي الجنوب هناك الثورات العربية، وغدا سنحصل على الديموقراطية على ضفتي المتوسط". وشكر السفير الفرنسي دوني بييتون المعهد العالي للأعمال لاستضافته هذه الندوة، وعرض نبذة عن الوزير فيدرين معلنا انه "كان مساعدا للرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران وتولى وزارة الخارجية لمدة خمس سنوات الفترة الأطول في تاريخ الجمهورية الخامسة وترك بصماته على الديبلوماسية الفرنسية".