رحبت الولاياتالمتحدة باعلان رئيس حكومة لبنان نجيب ميقاتي تمويل المحكمة الدولية، وهي خطوة من شأنها أن تحسن العلاقة بين الحكومتين ومع تركيز الجانب الأميركي على أولويتي الاستقرار في لبنان والتزامه تعهداته الدولية. وأعلن الناطق باسم الخارجية مارك تونر في بيان، أن إدارة باراك أوباما «ترحب بإعلان ميقاتي تحويله حصة لبنان لتمويل المحكمة الخاصة»، مشيراً إلى أن عمل المحكمة يمثل «فرصة للبنان لتخطي تاريخه الطويل من الإفلات من العقاب». واعتبر أن تعاون السلطات اللبنانية مع عمل المحكمة «التزام دولي محوري» للدولة اللبنانية. ويعكس بيان واشنطن ارتياحاً لتمرير التمويل من شأنه أن يعزز الثقة ويحسن العلاقة مع حكومة ميقاتي. فالإدارة الأميركية ومنذ وصول ميقاتي إلى المنصب وضعت «أفعال» الحكومة كمعيار أساسي لتقويم سياستها منها. وكان الانفتاح الحذر بداية بعد البيان الوزاري الذي أكد «احترام» لبنان تعهداته في المحكمة الخاصة ومن ثم تأكيد النية بالإبقاء على القضاة اللبنانيين في لاهاي. وردّت واشنطن ايجاباً على هذه البوادر بلقاءات عقدها ميقاتي مع مسؤولين بارزين أرفعهم وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في أيلول (سبتمبر) الماضي وأخرى روتينية مع السفيرة لدى لبنان مورا كونيللي والمسؤولين من الخارجية ووزارة الخزانة الذين زاروا لبنان أخيراً. وتعكس أجواء العاصمة الأميركية وجود أولويتين لدى الإدارة اليوم في الملف اللبناني، الأولى ضمان استقرار لبنان، والثانية التزامه تعهداته الدولية. ويأتي انهماك الإدارة بملفات شرق أوسطية ساخنة أهمها مصر وسورية وليبيا، ليزيد من أهمية استقرار الوضع اللبناني وحدوده مع كل من سورية وإسرائيل. أما في موضوع الالتزامات الدولية، فسيعطي التمويل اندفاعة مهمة لميقاتي في علاقته مع الإدارة التي تدرك حجم الضغوط الداخلية في هذا الملف. ويساعد ميقاتي أيضاً في علاقته مع واشنطن تمكنه، ظاهراً على الأقل، من تحييد لبنان عن الموضوع السوري، ومن خلال الامتناع عن التصويت في الأممالمتحدة عن القرارات المتعلقة بدمشق وأيضاً في قرار فرض العقوبات الأخير من الجامعة العربية. وساعد أيضاً في هذا الجانب تأكيد وزير المال اللبناني محمد الصفدي التزام المصارف اللبنانية الإجراءات الدولية وحرصها على عدم الالتفاف على العقوبات الأميركية على المصرف السوري المركزي وشخصيات في النظام، وهو ما تراقبه واشنطن عن كثب. من هنا ستطبع المرحلة المقبلة استمرارية لانفتاح واشنطن على الحكومة اللبنانية وكشريك لضمان الاستقرار والمصالح المشتركة، من دون أن يؤثر ذلك في موضوع المساعدات للجيش والذي يخضع لرقابة الكونغرس ويحيطه أسئلة حول نفوذ حزب الله في المؤسسة العسكرية اللبنانية.