إسلام آباد، واشنطن، لندن – رويترز، أ ف ب، يو بي آي – قررت الحكومة الباكستانية في اجتماع استثنائي عقدته في مدينة لاهور أمس، مقاطعة المؤتمر الدولي للدول المانحة لأفغانستان والذي تستضيفه مدينة بون الألمانية في الخامس من كانون الاول (ديسمبر) المقبل، احتجاجاً على مقتل 26 من جنودها في غارة جوية نفذتها السبت الماضي مروحيات تابعة للحلف الأطلسي (ناتو) انطلاقاً من افغانستان، والذي اعتبرته إسلام آباد اسوأ خطأ ارتكبه الحلف في اراضيها منذ ان تحالفت مع الأميركيين في نهاية 2001. وشهد الاجتماع تعليق رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني جدول أعمال الاجتماع للبحث في مسألة الغارة، فيما أوجزت وزيرة الخارجية هينا رباني خار للحكومة تقريراً عن الحادث والجهود الديبلوماسية المبذولة للتشديد على خرق «الناتو» سيادة اراضي باكستان. وأجمعت الحكومة على أن استهداف غارة اميركية بلدة أبوت آباد الباكستانية في ايار (مايو) الماضي لقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، ثم شن غارة اخرى قبل أيام على منطقة مهمند المحاذية للحدود مع أفغانستان «امر غير مقبول». ويرجح أن يهز قرار المقاطعة الذي تلا وقف إسلام آباد نقل إمدادات الحلف في أفغانستان عبر أراضيها، واصدار أمر بإخلاء قاعدة «شامسي» الجوية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي أي اي)، صناع السياسة من واشنطن إلى كابول، علماً ان المؤتمر سيحضره وزراء من اكثر من مئة بلد ويهدف الى جمع كل الأطراف المعنية بإقرار السلام في افغانستان بعد انجاز الانسحاب الكامل للقوات القتالية التابعة للحلف في نهاية عام 2014. ومن المخاوف السائدة احتمال سعي باكستان الى تحقيق مصالحها في افغانستان مع تجاهل مصالح حلفائها في الغرب وأماكن أخرى. وتصرّ باكستان على ان هجوم الحلف غير مبرر، فيما وصف الأخير الحادث بأنه «حادث مأسوي وغير مقصود»، وفتح تحقيق في شأنه على غرار آخر تجريه واشنطن لتحديد الملابسات. وقال مسؤولون عسكريون غربيون ان النتائج النهائية للتحقيق ستصدر في 23 كانون الأول. وغداة تهديد الجيش بتقييد تعاونه في الحرب الأفغانية، استبعد رئيس الوزراء الباكستاني جيلاني لمحطة «سي ان ان» الأميركية «العمل كالمعتاد» مع الولاياتالمتحدة، وقال: «يجب ان نحصل على شيء كبير يرضي أمتنا لإعادة العمل الى سابق عهده، ولا يمكن ان نكسب اي حرب من دون دعم الشعب لنا»، ما يؤكد غضب الحكومة والجيش من الضغوط التي يتعرضان لها من الشعب. وأضاف: «ستستمر العلاقات فقط اذا ارتكزت على الاحترام والمصلحة المتبادلة، وهو ما لا نحصل عليه حالياً». وتعتقد واشنطن بأن إسلام آباد تستطيع ان تضطلع بدور محوري في جهود اعادة الاستقرار لأفغانستان قبل انسحاب قوات «الاطلسي» بحلول 2014، خصوصاً في ظل علاقاتها مع جماعات متشددة في أفغانستان، لذا ابدت قلقها من تأثير الهجوم عبر الحدود على العلاقات مع باكستان والتي تجاوزت اوقاتاً عصيبة في الماضي. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر اول من أمس: «بالطبع اننا قلقون في شأن تأثير هذا الحادث على علاقاتنا مع باكستان». جاء ذلك بعد اجتماع مسؤولي الأمن القومي الأميركي في البيت الابيض لمناقشة العلاقات الأميركية – الباكستانية، وصرح فرزانه شيخ من برنامج آسيا لمركز «تشاتام هاوس» في لندن: «مررنا بذلك سابقاً، لكن الأمر أكثر خطورة هذه المرة، بعدما اتخذت الحكومة الباكستانية رؤية متشددة جداً». وقال الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة اركان الجيوش الأميركية المشتركة لمحطة «أي تي في» التلفزيونية البريطانية خلال زيارة للندن إن «العلاقات الأميركية الباكستانية في أدنى مستوياتها في التاريخ الحديث، لكنها يمكن ان تتعافى». وصرح بأن «الغضب في باكستان مبرر بسبب مقتل 26 من جنودهم الذين سقطوا بأمر من شريك»، لكنه رفض تقديم اعتذار بحجة انه لا يعلم بعد كل ملابسات الحادث، وان الجيش الأميركي يجري تحقيقاً. وأضاف: «أطلب منهم الصبر لمساعدتنا في معرفة ما حدث، والوضع يمكن معالجته»، علماً ان الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني أكد ان الولاياتالمتحدة «تتعامل بجدية كبيرة مع الحادث. وفي ما يتعلق بعلاقتنا مع باكستان، ستبقى على الدوام علاقة تعاون وعلاقة معقدة جداً في الوقت ذاته». وتابع: «ثمة مصلحة فعلية للأمن القومي الاميركي في الحفاظ على علاقة تعاون مع باكستان، لأننا نتقاسم مصالح في مكافحة الارهاب». ميدانياً، قتل ثمانية مسلحين على الأقل في قصف استهدف مخابئهم في منطقة أوراكزاي العليا القبلية شمال غربي باكستان، فيما اعتقل قيادي في حركة «طالبان» يدعى طوفان مع مساعده في منطقة ناوشيرا القبلية ايضاً. وفي كراتشي، صادرت الشرطة كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر من مقبرة في المدينة، كانت ستستخدم بحسب الشرطة في عمليات تخريب خلال شهر احياء الشيعة ذكرى عاشوراء.